الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في خدمة أو بناء الكنائس

السؤال

من فضلكم ماحكم الدين فى من يعمل فى الكنائس، فقد أفتى أحد العلماء بإباحة العمل في الكنائس طالما أن العمل لا يقوم على صناعة الصلبان والرسومات.أفيدونا أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن العمل في الكنائس لا يجوز، لأنها أماكن يشرك فيها بالله، ويعظم فيها الصليب.. وعمل المسلم فيها يعد من باب التعاون مع أصحابها على أعظم إثم وعدوان، فكيف يشارك المسلم في بنائها وتشييدها، أو حراستها، أو نظافتها إلى غير ذلك من الخدمات التي يعود نفعها على أهل الباطل عبدة الصليب الضالين!! ويكفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" رواه البخاري ومسلم.
وقد أطلق العلماء المنع من معاونتهم على بناء كنيسة، ومن هؤلاء الشافعي ـ رحمه الله ـ قال في كتاب الجزية من كتابه (الأم): ولو أوصى ـ يعني الذمي ـ بثلث ماله، أو شيء منه يبنى به كنيسة لصلوات النصارى، أو يستأجره خدماً للكنيسة، أو تعمر به الكنيسة، أو يستصبح به فيها، أو يشتري به أرضاً فتكون صدقة على الكنيسة، أو تعمر به، أو ما في هذا المعنى كانت الوصية باطلة.
وقال: وأكره للمسلم أن يعمل بنّاء، أو نجاراً، أو غير ذلك في كنائسهم التي لصلاتهم. انظر: الأم للشافعي 4/213. الطبعة الثانية/ دار المعرفة.
وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (وأما مذهب أحمد في الإجارة لعمل ناقوس ونحوه، فقال الآمدي لا يجوز. رواية واحدة، لأن المنفعة المعقود عليها محرمة، وكذلك الإجارة لبناء كنيسة، أو بيعة، أو صومعة، كالإجارة لكتب كتبهم المحرفة. انتهى من (اقتضاء الصراط المستقيم) 2/41.
ومقصود الفقهاء من المنع، ألا يعاونهم المسلم على باطلهم، يقول ابن تيمية أيضاً: (وأما استئجار الأرض الموقوفة على الكنيسة، وشراؤه ما يباع للكنيسة، فقد أطلق أحمد المنع أنه لا يستأجرها، لا يعينهم على ما هم فيه).
إذاً العلة من منع استئجار الأرض الموقوفة على الكنيسة، وشراء ما يباع للكنيسة إعانتهم على باطلهم، وهذا لا يجوز. ومن يعمل في خدمة الكنيسة من المسلمين، فهو أولى بالمنع، وأدخل في الذم. مع أنه لا ينفك من أن يرى منكرات عظيمة، من تعظيم النصارى للصليب، والإشراك بالله، وتبرج النساء... إلخ، ولا يجوز له السكوت على ما يراه من منكرات، إذ الواجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا وقع في مخالفة أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وربما افتتن بباطل النصارى وشبهاتهم، أو بنسائهم ومعاصيهم، وهذه كلها ظلمات بعضها فوق بعض، فتحريمها مقطوع به لمن عرف مقاصد الشرع.
وأما قصر بعض الناس حرمة العمل على صناعة الصلبان والرسومات، فغير صحيح، لإطلاق الفقهاء المنع في كل ما يعود على أهل الباطل بالنفع والإعانة على باطلهم، كما تقدم من كلام الإمام الشافعي وغيره، وأي فرق بين صناعة الصلبان، وبين حراسة، أو تنظيف، أو بناء وتعمير الكنيسة!! ثم إن تحريم صناعة الصلبان ونحوها مما فيه التصاوير محرم على كل حال، سواء داخل الكنيسة أو خارجها، وسواء كان مما يصنع للكنيسة، أو لآحاد الناس. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني