الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المزاح بين الإفراط والتفريط

السؤال

هل المزاح مع الأصدقاء بالمبالغة في الثناء على النفس، كأن أقول مثلا أنا عالم، أو غزير العلم، مع العلم أن الكل يعلم أن هذا الكلام يكون لأجل الضحك ؟
وفقك الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمزاح لا حرج فيه ما لم يكن باطلا، بأن يتضمن غيبة أونميمة أوكذبا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولايقول إلا حقا، كما عند الطبراني في الصغير من حديث ابن عمر رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأمزح ولا أقول إلا حقا . وصححه الألباني.

وذكرالدينوري في تأويل مختلف الحديث قال: قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إني لأستجم نفسي ببعض الباطل كراهة أن أحمل عليها من الحق ما يملها، وكان شريح يمزح في مجلس الحكم، وكان الشعبي من أفكه الناس، وكان صهيب مزاحا، وكان أبو العالية مزاحا، وكل هؤلاء إذا مزح لم يفحش ولم يشتم ولم يغتب ولم يكذب، وإنما يذم من المزاح ما خالطته هذه الخلال.

وقال المناوي في فيض القدير: قيل لابن عيينة: المزاح سبة، فقال : بل سنة ولكن من يحسنه.

ومما يمنع في المزح والجد تزكية النفس؛ لقوله تعالى : فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ {النجم: 32 } ولوكان يعتقد صدقه فيما يزكي به نفسه، فكيف إذا كان كاذبا؟! وقد قال صلى الله عليه وسلم : إن الرجل ليتكلم بالكلمة يُضحِك بها جلساءه ما ينقلب إلى أهله منها بشيء ينزل بها أبعد من السماء إلى الأرض . أخرجه أحمد وغيره، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني وفيه عبد الوهاب بن رجاء ولم أعرفه ، وبقية رجاله رجال الصحيح، وعند أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا في النار. وصححه شعيب الأرناؤوط

فإذا أردت أن تمزح فافعل كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل، وانظر هذه الكلمة الجميلة التي نقلها المناوي في فيض القدير عن الماوردي قال : العاقل يتوخى بمزاحه أحد حالين لا ثالث لهما، أحدهما: إيناس المصاحبين والتودد إلى المخالطين، وهذا يكون بما أنس من جميل القول، وبسط من مستحسن الفعل، كما قال حكيم لابنه : يا بني اقتصد في مزاحك فإن الإفراط فيه يذهب البهاء ويجرئ السفهاء، والتقصير فيه نقص بالمؤانسين وتوحش بالمخالطين، والثاني: أن يبغي من المزاح ما طرأ عليه وحدث به من هم، وقد قيل لا بد للمصدور أن ينفث، ومزاح النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج عن ذلك، وأتى رجل عليا كرم الله وجهه فقال : احتلمت بأبي قال : أقيموه في الشمس، واضربوا ظله الحد، أما مزاح يفضي إلى خلاعة أو يفضي إلى سبة فهجنة ومذمة، قال ابن عربي : ولا يستعمل المزاح أيضا في أحكام الدين فإنه جهل انتهى .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني