الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صبر الزوجة على إساءة الزوج وأداؤها حقه الشرعي

السؤال

أرجو أن تقرؤوا هذه المشكلة بإمعان شديد لأنها فيها حياة أسرة أو هدمها هى فى الحقيقة مشكلة أبي وأمي منذ حوالي 25 عاما تزوج أبي وأمي من أول لحظة وهم فى مشاكل كثيرة بسبب سوء معاملة أبي لأمي لأنه كثير الغلط فيها وفي أهلها بالشتائم وأحيانا كانت تصل إلى الضرب وكل مرة فيها مشاكل يأتي حكم من أهله و حكم من أهلها وكل مرة يظهر خطأ أبي فى أمي وفي أهلها حتى أتى مرة وطرد خالي من المنزل وكانت أمي شديدة الاستحمال لأنها كانت تخاف من الله وتراعي أبي بالحسنى والمودة والرحمة وهو لا يفعل ذلك ولكنه كل مرة كان يعتذر لها ثم تسامحه وعلى هذا الحال منذ 25 عاما إلى هذه اللحظة إلى أنها تصل فى بعض الأحيان إلى درجة الشك وأقسم لكم أن أمي كانت تراعي الله فيه ولكن هو لم يحفظ الجميع وهى إلى الآن على درجة استحمال عالية وكانت أمي تعطيه حقه الشرعي ولكن بعد كل هذه الإهانات أصبحت لن تقدر على النوم أصلا فى فراش الزوجية و من هذه اللحظة زادت إساءة أبي لأمي وأصبح يتكلم معها فى هذا الموضوع أمامنا دون حياء ولا احترام لوجودنا إلى أنه اليوم وبعد هذا السن الذى أمي عليه وهو 62 يقول لها بدون حياء أنها تستحل الحرام وتستحرم الحلال بالله عليكم ماذا تفعل سيدة فى هذا السن حين تتهم بتهمة مثل هذه إنها استحملت ولم ترد عليه لأنها إلى هذه اللحظة لم تخرج كلمة مما يحدث داخل المنزل إلى الخارج ومحافظة على سره وكل الناس تعرف عن أبي أنه زوج مخلص وأب حنون ولكن على العكس كما شرحت لكم ودائما يذل أمي أنه يصرف عليها وهي لا تعطيه حقه الشرعي علما بأنه لم يشتر لها من أول يوم فى زواجهم حتى الآن أي شيء من ملبس ودائما تطلب منه أي شيء لها ويقول لها لن أتيك بأي شيء حتى السيدة التى طلبت منه أمي أن تأتي لكى تساعد أمي فى أعمال المنزل يرفض من بداية زواجهم أن تأتي و كل شيء أمي تريده تأتي به من مالها الخاص علما بأنه كان يأخذ منها مالها الخاص من العمل ولم يعطها منه سوى مصروف اليوم إلى أن رفضت هى إعطاءه إياه ولكن دائما يقول لها (أنا بأكلك ببلاش) ومعنا أنا وأخوتي تصرفاته غير محتملة فهو دائما فى مشاكل معنا ويدعي أنها بسبب أمي وبسببنا وأننا لا نتدخل للصلح لقد غلب كل إنسان يحاول أن يصلح بين أبي وأمي لأنها محاولة فاشلة ودائما يقول أبي إنه صاحب مرض و يتحجج بمرضه وأنه على هذا الحال بسبب مرضه السكر والضغط والقلب وكل هذه الأمراض عنده من قبل ولادتي السؤال الآن ما هو حكم أمي الشرعي فى عدم معاشرته علما بأنها فكرت فى الطلاق أكثر من مرة لعدم الوقوع فى خطأ عدم معاشرته ولكنها تفكر فى أنا و إخوتي دائما وفي مظهرنا الاجتماعي وعلما أيضا أن أبي حتى فى الصلاة يصليها قبل وقتها وعندما ننصحه أنا وأخوتي وأمي يدعي أنه مريض وأبي أيضا لم يصل الجمعة فى حياته إلا كم مرة تعد على أصابع اليد الواحدة وعندما ننصحه أيضا يدعو علينا لأننا لسنا قريبين من الله وأننا نريد أن نكسبه ذنوبا فما الحل مع أب و زوج بمثل هذة الصفات وأم و زوجة تستحمل إلى هذا الوقت دون استسلام , أرجو الرد فى أقرب فرصة عل الله يصلح بينهم عن طريقكم ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة بين غريمين أو شريكين شحيحين، بل هي علاقة عاطفية ، وجدانية ، روحية ، وصفت في الذكر الحكيم بأوصاف منها قوله تعالى : وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً {الروم: 21 } وقال تعالى : هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ {البقرة: 187 } وقال تعالى : وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء: 21 } فيفترض لعلاقة كهذه أن تكون مبنية على الإحسان والفضل ، والاحترام المتبادل ، والثقة ، فإذا لم يوجد هذا فلا أقل من أداء الحقوق والواجبات ومن كف الأذى الواجب لكل مسلم ، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. و قال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه، وانظري الفتوى رقم: 6540 ، ولا يجوز سب المسلم وإيذاؤه في عرضه ، , قال القرطبي , بل هو من الكبائر , لقوله تعالى : وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58 } ، وإذا وصل السب إلى الاتهام بالزنا فهو قذف وهو من السبع الموبقات ، التي ورد بها الحديث ، ويكون أشد في حق الزوجة لما لها من حق على الزوج ، فإن عظم الذنب يكون بحسب منزلة من صدر في حقه ، قال العلماء : إن الفعل المحرم الذي يكون في حق الغير صغيرة ، يكون في حق الوالدين كبيرة ، وذلك لما لهما من الحق عليه. سبل السلام للصنعاني 1/232

وأما عن امتناع الزوجة عن فراش زوجها والذي هو محور السؤال ، بحجة معاملته السيئة فهذا لا يجوز، وانظري الفتوى رقم: 9572 ، فيجب على الزوجة أداء حق الزوج الشرعي ، ولا يجوز لها منعه، ولعل هذا هو سبب الكثير من المشاكل التي تعاني منها الأسرة ، وننصحها باحتساب الأجر ، والدعاء لزوجها بأن يصلحه الله عز وجل ، ويحسن خلقه ، ونسأل الله عز وجل أن يثيبها على صبرها واحتمالها لزوجها ، ولا ننصحها بالطلاق ، في هذا السن وعليها أن تتصبر فلم يبق إلا القليل ، كما قال أحد العارفين : يا أقدام الصبر احملي لم يبق إلا القليل ، كما ننصح الأبناء بأبيهم خيرا ، فإن بره واجب عليهم مهما فعل ، فيجب عليهم الإحسان إليه والصبر عليه ، وأن لا يصدر منهم قول أو فعل يغضبه عليهم. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني