الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ركوب الطائرة لغرض السياحة

السؤال

أنا يا شيخ أحب السفر للسياحة إلى البلاد الإسلامية (إلى قرية محافظة مثلاً)، ولكن سؤالي يا شيخ أنهم في الحدود مثلاً يأخذون على المسافر بالسيارة تأمينا عليها، فهل دفعي لهم هذا التأمين يعتبر من التعاون على الإثم والعدوان ويكون فعلي مناقضا لقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده... أم نقول إن المسألة ليست إجماعاً وهي خلافية وأن الحاكم إذا تبنى أحد الآراء الخلافية يزول الحرج في تطبيق ما أجبرنا عليه حاكم تلك البلاد.
ثانياً: أشعر بحرج في السفر بالطائرة إلى البلاد الإسلامية لغرض السياحة حيث قد أتعرض للمنكرات الموجودة في الطائرة وفي المطار حيث يقول الله تعالى: وقد نزل عليكم في الكتاب إن إذا سمعتم... على الرغم أني مخطط أني بمجرد أن أصل أتوجه للقرية أو ما أشبهها، مع العلم بأني أنا من السعودية وأصبح الآن تجد في مطار الرياض مثلاً بعض الأجنبيات اللاتي سيغادرن السعودية في المطار كاشفات شعورهن ولابسات الضيق فأقول في نفسي إن لو كنت مثلا أريد السفر من الرياض إلى جدة بالطائرة مثلا لغرض التنزه فلا أتوقع إن أحداً من المشايخ الأفاضل سيقول لي لا يجوز لك أن تذهب بالطائرة إنما تذهب بالسيارة, وعلى هذا فأشعر أن ذلك نفس الشيء، فمثلا إذا كان البلد الإسلامي الذي أود الذهاب إليه بعيدا عن بلدي جداً فلا أعتقد أن أحداً من المشايخ سيقول لي اذهب بالسيارة ولا تذهب بالطائرة, وأذكر أن ابن تيمية عندما تكلم عن مسألة الحمام سابقا في فتاويه قال: إذ شهود المنكر من غير حاجة ولا إكراه لا يجوز. فهل يا شيخ يعتبر ركوبي في الطائرة ووصولي للمطار حاجة تجيز لي ذلك لما في ذهابي بالسيارة من مشقة, وأن لم يكن في ذهابي بالسيارة مشقة، فهل يجوز لي أن أذهب بالطائرة، أرجو التفصيل المفيد، أرحني أراحك الله؟ وجزاك الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تضمن سؤالك أربع نقاط هي:

1- مسألة التأمين.

2- تغيير المنكر.

3- موضوع السياحة.

4- شهود المنكر من غير حاجة.

فالتأمين التجاري بجميع أنواعه لا يجوز، وقد تقدم الكلام عن التأمين بالتفصيل والحكم الشرعي لكل نوع في الفتوى رقم: 472 فلتراجع.

فلا يجوز للمسلم تعاطي عقد التأمين التجاري إذا كان ذلك باختياره، أما إذا أجبر عليه، ولم يستطيع التخلص منه ولو بالحيلة فيسعه ما يسع المكره على الفعل أو الترك، وإثمه على من أكرهه.

ولا خلاف بين المسلمين في وجوب تغيير المنكر، ولكن التغيير يكون بحسب الطاقة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.

ثم إن الأصل في السفر بغرض السياحة أنه جائز إذا لم يصحبه محرم مثل شرب الخمر أو الزنا أو النظر إلى النساء الأجنبيات أو الاختلاط بهن، أو القمار أو غير ذلك..

وشهود المنكر من غير حاجة ولا إكراه منهي عنه. كما قال شيخ الإسلام، ومع ذلك فكون الطائرة تمارس فيها بعض المنكرات فإن ذلك لا يُحَرم ركوبها لغرض مباح، وإنما يلزم المرء اتجاه من يمارس المنكرات في الطائرة إنكار ذلك المنكر بما يناسبه ويتماشى مع قدرته في تغييره حسبما جاء في الحديث السالف، مع وجوب غض البصر والابتعاد عن كل ما يمكن أن يؤدي إلى الحرام.

وعليه فلا نرى بأساً في ركوبك الطائرة للغرض الذي ذكرت إذا تقيدت بما بيناه من الضوابط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني