الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الانتفاع بمنتجات البحر الميت

السؤال

ما حكم استخدام منتجات البحرالميت؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ما يشاع بين بعض الناس من عدم جواز الانتفاع بما يخرج من البحر الميت مرجعه إلى القول بأنه منطقة عذاب قوم لوط، على ما ذكره بعض أهل التفسير.

وقد جاء في الشرع النهي عن شرب المسلم، وانتفاعه الشخصي بمياه من عذبهم الله، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود الحجر فاستقوا من بئرها، واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة.

قال ابن حجر في الفتح: وفي الحديث كراهة الاستقاء من بيار ثمود ويلحق بها نظائرها من الآبار والعيون التي كانت لمن هلك بتعذيب الله تعالى على كفره، واختلف في الكراهة المذكورة هل هي للتنزيه، أو للتحريم؟ وعلى التحريم هل يمتنع صحة التطهر من ذلك الماء أم لا؟. انتهى.

وقال النووي في المجموع شرح المهذب: فاستعمال ماء هذه الآبار المذكورة في طهارة، وغيرها مكروه أو حرام، إلا لضرورة. لأن هذه سنة صحيحة لا معارض لها.. فيمتنع استعمال آبار الحجر، إلا بئر الناقة، ولا يحكم بنجاستها، لأن الحديث لم يتعرض للنجاسة، والماء طهور بالأصالة. انتهى.

وقال ابن العربي: لأجل أنه ماء سخط فلم يجز الانتفاع به فراراً من سخط الله، وقال: "اعلفوه الإبل"، فكان هذا دليلاً أيضاً على أن ما لا يجوز استعماله من الطعام والشراب يجوز أن يعلفه الإبل والبهائم، إذ لا تكليف عليها. انتهى.

وبالجملة، فالراجح أن منطقة العذاب لا يشرب من مائها، ولا ينتفع بشيء مما فيها في طعام الإنسان ونحوه، ما لم تدع الضرورة إلى ذلك. هذا حكم المنطقة التي يثبت بالدليل الشرعي أنها منطقة عذاب.

أما منطقة البحر الميت، فلم يقم عندنا الدليل الشرعي على أنها منطقة عذاب قوم لوط ولا غيرهم، والأصل في الأشياء الإباحة، ولا فرق بين البحر الميت وغيره من الأماكن في الحكم الشرعي حتى يثبت الدليل الشرعي بتخصيصه بحكم خاص.

وعليه، فيجوز الانتفاع بما يخرج من البحر الميت من ملح ونحوه، مما يجوز الانتفاع به، ولم يكن محرماً لعلة أخرى، ومجرد ذكر كتب التفسير أنها منطقة قوم لوط لا يؤثر وحده في الحكم، لأن كتب التفسير لم تسند ذلك إلى خبر صحيح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، وإنما هي أقوال خلو عن الدليل، فلا يمكن اعتمادها في أثبات حكم شرعي وإذا ثبت طبياً أنه يمكن استخدامه في علاج بعض الأمراض فلا مانع من ذلك أيضاً، وإذا ذهب إليه لمجرد الاستحمام فلا شيء فيه أيضاً إذا خلا من الاختلاط والعري المحرمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني