الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجود الزوجين في مكان واحد هو الأفضل

السؤال

فضيلة الشيخ حفظه الله
السؤال: أنا في حيرة شديدة من أمري وأطلب منكم المساعدة العاجلة ، حيث إنني شاب أبلغ من العمر 35 عاماً ولم أتزوج حتى الآن لضيق اليد مع العلم بأنه لا يوجد لدي سكن للزوجية ببلدي حيث إنني كنت أقوم بمساعدة أهلي خلال السنوات الخمس الماضية ولم يكن لدي المال الكافي للزواج بل في بعض السنوات لم يكن لدي حتى المبلغ المالي الذي يمكنني من أخذ إجازة لزيارة أهلي ويعلم الله بأنني منذ سنتين اقترضت مبلغا من المال لزيارة أهلي حيث إنني لم أزرهم لمدة أربع سنوات متصلة بسبب العمل وضيق ذات اليد . وحاليا وبعد عودتي من إجازتي السنوية تنتابني أفكار متكررة بأنه لا بد من أن أتزوج وأعجل بالزواج لكي أرضي والدي وعلي أن أتوكل على الله وتتلخص هذه الأفكار في ثلاث خيارات كالتالي:-
1- أنني أعمل حالياً بدولة عربية وأريد أن أستأجر سكنا ( مع ملاحظة أن السكن غال جداً بهذه الدولة العربية وربما استنفذ كل راتبي بالكامل شهرياً للإيجار ومصروفات الحياة اليومية دون ادخار أي مبلغ يذكر منه سوى القليل ) وشراء بعض الأثاث والأجهزة ثم اختيار فتاة صالحة ثم عقد القران عليها وإحضارها إلى هذه الدولة العربية لكي أدخل بها على سنة الله ورسوله وأن تقييم معي بصورة دائمة .
2- استئجار منزل ببلدي والزواج فيه بعد سنة من الآن وترك زوجتي فيه والسفر لهذه الدولة العربية للعمل كالمعتاد والعودة للزوجة مرة كل سنة في الإجازة السنوية لمدة شهر.
3- شراء منزل ببلدي والزواج فيه بعد سنة من الآن كأقل تقدير وذلك عن طريق اقتراض مبلغ من المال وشراء المنزل والزواج فيه وترك زوجتي فيه والسفر لهذه الدولة العربية والعودة للزوجة مرة كل سنة في الإجازة السنوية لمدة شهر.
فقط أريد منكم المساعدة بأن ترشدوني إلى ما هو أقرب للدين ورأيكم من ناحية شرعية لهذه الخيارات الثلاثة لكي أختار أحدها بمساعدتكم ، خاصة أن والدي يلحان علي بالزواج منذ ثلاث سنوات ويعلم الله بأنني لدرجة حرصي على رضاهم لم أقل لهم ولو مرة واحدة بأنه ليس لدي المال الكافي للزواج حتى لا أجرحهم وأشعرهم بأنني أساعدهم ، ولكن كلما طلبوا مني أن أتزوج بسرعة أقول لهم كلمة واحدة وهي ادعوا الله لي بأن يوفقني لهذا الأمر دون ذكر السبب وهو قلة المال ، وهل تأخري في الزواج وعدم تلبية رغبتهم بالزواج يعتبرعقوقا لهما مع العلم بأنه لا يهمني في هذه الحياة سوى إرضاء الله ورسوله ووالدي ، وكل ما أخشاه أن يحدث لهما شيء فأكون من النادمين ، أنا في حيرة من أمري وأسال الله العظيم رب العرش الكريم أن تعطوني إجابة شافية كافية ، ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ويعلم الله أنني في كربة ليس لأنني لم أتزوج ولكن نسبة لأن والدي يطلبان مني سرعة الزواج منذ ثلاث سنوات ويلحان علي في ذلك .سائل الله أن يجعل إجابتكم في ميزان حسناتكم وأن يثقل موازينكم، وأن يجزيكم خير الجزاء على ما تقومون به من مساعدة وتخفيف عن المسلمين في جميع بقاع الأرض، كما أسألكم أن لا تنسوني من صالح دعائكم ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل المولى جل وعلا أن يعينك على طاعته، ويباعد بينك وبين معصيته، ويرزقك رضى والديك وبرهما، ويغنيك من فضله، وييسر لك أسباب التماس رزقه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والذي ننصحك به أيها السائل الكريم هو أن تعجل بأمر الزواج فإنه من أسباب الغنى ووسائل جلب الرزق مع ما فيه من التعفف عن الحرام، قال تعالى : وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور: 32 } وانظر الفتويين رقم : 7863 ، 6121 ، وأولى الخيارات هو الأول -فيما نرى- هو أن تتزوج وتستقدم زوجتك لتعيش معك في مكان عملك، وسيجعل الله لك بعد عسر يسرا : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2 ـ 3 } وفي ذلك إعفاف لها ولنفسك عن الحرام، ولأن تركها وحدها فيه ما فيه من المخاطر مع ما في ذلك كله من التكاليف من إيجار ونفقة وغيرها فتصبح الأسر ثلاثة: أهلك وزوجتك ونفسك ، فالذي ننصحك به هو أن تستخير الله تعالى أولا وتسأله التوفيق ثم تسارع بالزواج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء . رواه البخاري ومسلم .

وبذلك ترضي والديك وتحقق رغبتهما، فاستعن بالله تعالى وتوكل عليه، واختر من ذوات الدين والخلق من تسعد بها نفسك وتقر بها عينك، وإياك وخضراء الدمن. واللفائدة انظر الفتويين رقم : 70148 ، 62284 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني