الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطاعة واجبة ولو كان الزوج لا يحسن المعاملة

السؤال

أشكو إليكم قصة عذاب أمي لكى تجدوا لها حلا رحمة بها وبى لأنها عاشت ضحية انفصال الأب والأم حيث تزوج كل منهما وعاشت أمي بلا مأوى حتى وصلت سن 16 وتقدم لها أبي ولكنها رفضت بشدة وقالت له في وجهه إنى أكرهك ولا أوافق عليك وبالرغم من كل هذا صمم على الزواج منها ومع ضغط من أبيها وزوجته سلمت أمرها إلى الله وتزوجته وعاشت معه حتى أنجبت منه 3 أولاد ولكنها رأت منه ما يغضب الله حيث إنه كان يستقبل أي فرد في المنزل سواء كان قريبا أم بعيدا لدرجة أنه كان يذهب إلى العمل ويترك الضيف نائما في المنزل ولكني كنت أخاف الله وأقول له لا تدخل أحدا البيت لكي نعيش ولكنه كان معدوم الغيرة ومن عيوبه أنه بخيل جدا في مشاعره وأحاسيسه وكذلك بخيل ماديا لدرجة أنه حتى الآن يضع نقوده في البنوك ولا يصرف عليها بل يمارس الضغط عليها للمعاشرة ولكنها على غير إرادتها لا تقبل وتقول له طلقني حتى لا أتحمل هذا الوزر وهو يرفض ويقول لها أنا لن أطلقك وأنا غضبان عليك ولن أسامحك وأنت سوف تدخلين النار فهو على قناعة أنه على صواب ولكن ما أقوله عن معاملة أبى لأمي هو صحيح دون مبالغة لأنه يعاملها معاملة قاسية حتى أنى عرضت على أبى أن يطلق أمي ويتزوج بأخرى ولكنه رفض أفتوني رجال الدين هل على أمي وزر الدخول إلى النار بعد أن طلبت منه الطلاق ورفضها المعاشرة فأمي الآن عندها 50 سنة وتعيش محطمه حيث إنها تتمنى الموت كل ما تراه أمامها ونحن نتحطم معها فهو لا يريد أن يطلقها ولا يريد أن يتركها لكى تعيش مع الله لأنها متجهة إلى الله سبحانه وتعالى والله على ما أقول شهيد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنصيحتنا لأمك أن تتقي الله تعالى في نفسها وفي زوجها، فعليها أن تطيعه فيما يأمرها به ما لم يكن معصية، سيما أمر الفراش فحقه عليها عظيم يبين ذلك ما جاء في آيات وأحاديث كثيرة منها قوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:228} ومن الأحاديث الصحيحة ما في المسند وغيره من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله تعالى لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه. قال الشوكاني: إسناده صالح.

ومنها: ما في المسند أيضاً من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح. ورواه أيضاً البخاري ومسلم. وروى البيهقي في شعب الإيمان عن حصين بن محصن الأنصاري عن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة لها فلما فرغت من حاجتها قال لها أذات زوج أنت"؟ قالت: نعم. قال: "كيف أنت له؟" قالت: "ما آلو إلا ما عجزت عنه". قال: "انظري أين أنت منه فإنه جنتك ونارك.

فمادامت أمك راضية بالإقامة معه ولو كانت تكرهه لسوء معاملته إياها فعليها أن تطيعه وتمتثل أوامره إلا أن يمنعها حقها الواجب في النفقة فلها حينئذ أن تمنعه نفسها لما بيناه في الفتويين:51896، 75274، ولها المطالبة بحقها كاملا غير منقوص، فإن كانت تكرهه أو تخشى ضرره فلها أن تسأله الطلاق أو تخالعه وإن رفض فلها رفع أمرها للمحاكم الشرعية لتفصل بينهما أو تلزمه بما يجب عليه لها أو تحكم بما تراه.

وإن صبرت واحتسبت أجر ذلك عند الله حفاظا على أسرتها فهو خير وأولى.

وأما زوجها فنقول له إن عليك أن تتقي الله تعالى في زوجتك، فلا يجوز لك ظلمها ولا إهانتها، وعليك أن تؤدي إليها حقها كاملا غير منقوص، فلها عليك مثل مالك عليها، وستسأل عن ذلك يوم القيامة ففي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلم مسؤول عن رعيته، فالأب راع في بيته ومسئول عن رعيته.[ الحديث متفق عليه]. ويقول: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت [رواه احمد وأبو داود وصححه السيوطي والنووي وحسنه الألباني].

واعلم أن من لا يغار على أهله ويقر فيهم الفحش ديوث والعياذ بالله، وقد أخرج أحمد عن ابن عمر بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة قد حرم الله تبارك وتعالى عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث. فلا يجوز لك أن تترك زوجتك مع رجل أجنبي عنها، ولا أن تقرها على ذلك إن فعلت، وانظر الفتوى رقم: 12581. ونقول لهما معا اعلما أن الزواج مبني على الألفة والمودة والتفاهم، وما قد يعتري ذلك من أمور عارضة للطبيعة البشرية وسرعان ما تزول وتتلاشى إذا عولجت بحكمة ورزانة، وما من زوجين إلا ويحدث بينهما ذلك، فننصحكما بطي صفحة الخلاف وتجاوز بعضكما لبعض عن هفواته وتغاضيه له عما يمكن التغاضي عنه وما لا يمكن ينصحه ويذكره دون سب أو إهانة أو غيرها وبذلك تسود المحبة والألفة أرجاء بيتكما فتعوضان عما فاتكما خلال تلك الفترة الماضية. وللفائدة نرجو مراجعة الفتويين التاليتين: 2589، 49841.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني