الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القوامة والنفقة على الزوجة والأبناء

السؤال

أنا سيدة متزوجة منذ 8 سنوات وأم لطفلتين، مشكلتي تكمن في زوجي فرغم أنه رجل طيب إلا أنني ما عدت أستطيع العيش معه، فهو من النوع الكسول جداً محب للنوم يؤجل كل أعماله لما لا نهاية لا يهتم بشيء يخص البيت أو الأبناء فهو لا بعرف شيئا عن الأولاد، اتكالي جدا فهو لا يدفع أي شيء فواتير أو إيجار البيت أو الأكل والشرب أو حتى أقساط مدارس الأبناء، فمنذ أن بدأت العمل من 6 سنوات لم أتمكن من توفير قرش واحد وأنا لا أمتلك شيئا في الدنيا ولا حتى بيتا سوى رحمة الله وما زاد الأمور تعقيدا هو أنني أغضبت الله كي أرضيه فمنذ 4 سنوات وأنا أقترض من البنوك مبالغ ربوية سنة بعد سنة حتى أتمكن من شراء أفخم السيارات وآخر الموديلات له فهو لا يحب الأشياء البسيطة فقد توصل بي الأمر أن أخذت له 3 سيارات في سنة واحدة وكل هذا بدافع الحب وسعيا لإرضائه, الآن وبعد أن فات الأوان أصبحت أعيش في حالة هستيرية مدمرة فقد خنقتني الديون من كل صوب والمصاريف للبيت والمدارس وكل شيء وهو يتحجج بضعف راتبه وبمشاريع سيقوم بها مستقبلا بقيت لحد الآن مجهولة فأنا لا أمتلك الحق أن أطلع على شيء يخصه لأنه غامض جداً جداً، فكرت في الطلاق مرارا لكني كنت أتراجع لأنني أحبه ولأنني لا أريد أن يعيش أطفالي حياتي المأساوية التي عشتها وأنا صغيرة (والداي مطلقان) ولن أحتمل أن تعاتبني بناتي يوما على قراري بالانفصال، وقد عانيت أكثر من ذلك وتعرضت للأذى الشديد من أسرته وصلت إلى حد القذف والإشهار بسمعتي أمام الخلق وصبرت ولم أتفوه بكلمة لكن حدود صبري انتهت وأصبحت أعيش في ثورة من الغضب الداخلي ودائما صبورة في صمت وأقول في نفسي عسى الله يفرج علي وعليه كرباتنا كما أنه لا يفي أبدا بوعوده ولو تشاجرت معه وكان ظالما لي يعاتبني ولا يكلمني لأسابيع حتى أكلمه أنا وأطلب منه العفو لأنه وحسب قوله لا يحب أن يعتذر لمخلوق، أنا أعلم أنه قصاص من الله على أموال الربا لكن صدقوني ما كان بيدي فعل شيء فقد كنت كالمدمنة وكان دائما يقنعني بأنه سيدفع ما علي من ديون فور بدئه بتحقيق أرباح من مشاريعه التي لا أملك الحق أن أعرف عنها شيئا دون أن يتحقق شيء، سؤالي هو: أليس حراما كل ما يحل بي، ماذا يجب أن أفعل هل أنفصل عنه سريعا قبل أن أغرق في الطوفان، أين القوامة في الإسلام لم أعد أحس نفسي أنثى بل أكثر من رجل يجب ان أعمل جاهدة طوال اليوم لأعيل أسرتي، لقد حرمني من كل شيء والحمد لله، فما ترون أتمنى أن ألقى رداً سريعا وأكيداً في أقرب وقت ممكن؟ وجزاكم الله أجر الدنيا والآخرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي أيتها الأخت الكريمة أن لك على زوجك حق النفقة لك ولأبنائك الفقراء ولو كنت أنت غنية، ولا يجوز له أن يقصر في ذلك أو يمنعه، ففي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته... الحديث متفق عليه. ويقول: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والنووي وحسنه الألباني.

وقيامه بذلك هو مقتضى قوامته إذ هي القيام على الشيء رعاية وحماية وإصلاحاً، قال الله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء:34}، ولك حق التظلم إلى المحكمة ليلزمه القاضي بما يجب عليه، ويأخذ لك حقك منه إن لم تسامحيه وتتغاضي عما هو عليه من تقصير معك ومع أبنائه، وأما الطلاق فلا ينبغي أن تلجئي إليه ما دمت تستطعين الصبر، وما لم تنفد كل الوسائل الممكنة لعلاج الأمر حفاظاً على كيان الأسرة ومصلحة الأبناء، ولك توسيط من له وجاهة عنده من أهل الصلاح ليعظه ويذكره عله يرعوى عما هو فيه من الكسل والتقصير؛ ليسعى ويكدح فينفق عليك وعلى أبنائه، ويساعدك فيما تحملت من أجله ليرد الجميل ويجازي الإحسان بالإحسان، ولا تقنطي من ذلك فلعل الله يصلحه إن أكثرت من الدعاء له ونصحه ووعظه بالحكمة والموعظة الحسنة. وأما ما وقعت فيه من خطأ وأخذ الربا فهو ذنب عظيم ووزر كبير، وربما كان سبب ما أنت فيه من العناء، ولمعرفة سبيل التوبة من الربا انظري ذلك في الفتوى رقم: 18177، كما ننصحك بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32384، 9560، 1217، 1762.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني