الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم كون الضرب وسيلة لتغيير المنكر أو التأديب

السؤال

لدي مشكلة وهي: أبي تعرض للسب من طرف أختي فقلت لها عار عليك أن تكلمي أباك بهذه الطريقة فهو مهما كان أبوك وأبي أيضا و لن أسمح لك بأن تسبي أبي أمامي و أنا أسمع فتمادت في طغيانها فصفعتها مدافعا عن أبي و برا به فانطلقت إلى أمي مسرعة لتشتكي إليها و أمي لم تكن في المنزل فجاءت إلى البيت وسألتني أمي ماذا جرى فشرحت لها ما وقع فكذبتني و بدأت تسب أبي أمامي و أبي لم ينطق بكلمة فقلت لأمي ناصحا لا تسبي أبي فابنتك تلك هي سبب المشكلة و كان من المفروض أن تقفي مع الحق أن تطيعي زوجك ولا تكفريه وأنا أشهد أن أبي لم يقل شيئا يغضب الله ورسوله فقد قال لابنته خفضي صوت المذياع فقط فبدأت تسبه فلم أرض لمعزة أبي في قلبي فقمت وصفعتها حتى تعلم بأن الحق يعلو ولا يعلى عليه وطاعة البنت لأبويها واجبة شرعا كما أن طاعة الزوجة لزوجها واجبة شرعا، و من هذا المنطلق هل صفعي لأختي فيه إثم؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

شكر الله لك غيرتك على حرمة أبيك، ونرجو أن يكون فعلك من تغيير المنكر؛ لكن ينبغي تحاشي الضرب فلا يلجأ إليه إلا إذا تعين وسيلة للتغيير ورجي منه الفائدة ولم يترتب عليه ما هو أشد ضررا منه، وأما فعل أختك فهو عقوق محرم، وكذا سب أمها لأبيك فهو نشوز محرم أيضا.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما فعلته أختك من سب أبيها وشتمه من أشد العقوق وأكبر الإثم والعياذ بالله، ونصحك لها وصفعك إياها من تغيير المنكر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 14123.

وكان الأولى تولي الأب ذلك إلا إذا كان عاجزا أو ضعيفا.

كما ننبهك إلى أن الضرب لا يجوز وسيلة لتغيير المنكر أو التأديب إلا إذا اجتنب فيه الوجه وما قد يشين ويترك أثرا ولم يترتب عليه ضرر أكبر منه وغلب على الظن تحقق الفائدة به واقتصر على موضع الحاجة منه.

قال الإمام ابن الجوزي: الضرب باليد والرجل وغير ذلك مما ليس فيه إشهار سلاح أو سيف يجوز للآحاد بشرط الضرورة والاقتصار على قدر الحاجة.

وفي غذاء الألباب شرح منظومة الآداب للسفاريني رحمه الله يقول الناظم:

وبالأسهل ابدأ ثم زد قدر حاجة * فإن لم يزل بالنافذ الأمر فاصدد .

فينبغي للمغير باليد أن يكون ذا هيبة أو سلطة أو قوة ونفوذ ليتحقق له ذلك، فإن لم يكن له هو فليستعن بمن له ذلك.

وأما أم البنت فلا يجوز لها إعانتها على فعلها ولا سب زوجها لأن ذلك من النشوز المحرم كما بينا في الفتوى رقم: 4373، لكن ذلك لا يبيح لك رفع الصوت عليها أو التصرف نحوها بما لا يليق، فيجب بر الوالدين مهما صدر منهما ولو كان ظلما، وانظر الفتوى رقم: 3459.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني