الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لدفع الوساوس وفقدان الثقة بالنفس

السؤال

أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري. انطوائية نوعاً مَّا، أحب الوحدة، رغم أن لدي العديد من الزملاء، ولكن لا أجد راحتي مع أحد، ولم أجد شخصا أتوافق معه فكريا، ونفسيا.
لدي صديقتان مقربتان، إلا أنهما عبر الشبكة العنكبوتية فقط، ومن دول أخرى. علاقتي بأسرتي عادية جدا. أنا إنسانة خيالية، بمعنى سارحة معظم الوقت في تخيل الحياة التي أتمنى أن أحصل عليها، أو التي أتمنى لو كانت حقيقة. أصبت منذ سنة بالوسواس القهري بمختلف أنواعه في الكتابة، والدراسة، والطهارة، والصلاة. وبفضل الله تعالجت سلوكيا بنفسي عن طريق إرشادات قرأتها هنا، ولكن لا زال أثره مؤثرا علي من الناحية الدماغية، وخاصة الآن أشعر أن دماغي ضعيف في الحفظ، والتركيز، وأشعر أنني لا أتحكم بنفسي، وفعلا كلما اتخذت قرارا تراجعت عنه، وكلما حلفت أتراجع عن حلفي وهكذا، وهذا الشيء جعل ثقتي بنفسي تقل، وكدت أصاب بالجنون؛ لدرجة أني أخاف أن أفعل شيئا دون تحكم بنفسي. أنا ضائعة، مشتتة، ووحيدة، وعلاقتي بربي ضعيفة بعد ما كانت قوية. أنا مصفحة، ولم أزل التصفيح.
وأمس شعرت بضيق، وكأن الدنيا ستتوقف، أو سأموت، وقرأت علي أختي الرقية، وأصبح جسمي يهتز من الأسفل، وأشعر أن شيئا سيخرج، أو يدخل في، وتخيلت أنه جن.
أنا حاليا مصابة باكتئاب من جميع النواحي، فقدت الأمل، رغم أني كنت من أكثر الناس أملا، والاكتئاب نتيجة وضع البلد المتأزم، ووضعي الوحيد دون شخص، أو أشخاص، وتألمي بأن يصبح خيالي وسرحاني الدائم واقعا، ولكن لم يحدث. خائفة من أن يحدث لي مرة أخرى الاهتزاز، وخائفة من أن أفعل شيئا دون تحكم بنفسي. فعلا أنا ضعيفة، ولا أعلم ماذا أفعل؟
أشعر أن الدنيا لا طعم لها، ودموعي لم تفارقني لحظة، ربما ما يحدث لي الآن اختبار من الله، أو ربما بسبب ذنوبي الكثيرة، ولكن سأرجع أقوى بإذن الله؛ لأن الله غفور رحيم.
أنا حاليا أتألم، وأشعر بالموت البطيء، أشعر بأنني على حافة الحياة، والقبر مفتوح ينتظرني لأسقط فيه.
أرجوكم أفيدوني بخطوات، وجرعات أمل، تشعرني بأنه لا زال في الدنيا أمل.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنحن ندعو لك بالشفاء والعافية، وننصحك بمراجعة أحد الأطباء الثقات، ثم اعلمي أن الله تعالى رحيم بعباده، وأنه بر لطيف، فأحسني ظنك به، واطلبي منه الخير، واجتهدي في دعائه أن يصرف عنك هذا البلاء، وتفكري في سعة رحمته، وواسع جوده، وعظيم فضله؛ فإن ذلك من أعظم ما يصرف عنك هذه المشاعر السلبية.

وجاهدي نفسك في التخلص من هذه الأمراض، بأن تعودي نفسك الاختلاط بالناس، خاصة الأخيار منهم، وأن تنخرطي في أعمال اجتماعية نافعة كحفظ القرآن، أو نحو ذلك. وستجدين صعوبة في أول الأمر، ولكن سرعان ما سيزول عنك هذا الشعور، وتتغير نظرتك للناس وللحياة.

واعلمي أن قليلا من المجاهدة، مع العزيمة الصادقة، كاف بإذن الله في أن يحصل لك مطلوبك؛ مصداقا لقوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا{العنكبوت:69}.

فثقي بالله تعالى، وحسن تدبيره لك، والجئي إليه، وتضرعي له، وجاهدي نفسك؛ ففي ذلك الخير الكثير إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني