الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الميلاد المعاصر للإسلاموفوبيا

الميلاد المعاصر للإسلاموفوبيا

الميلاد المعاصر للإسلاموفوبيا

فور سقوط الشيوعية -التي مثلت العدو الأول للإمبريالية الرأسمالية الغربية على امتداد سبعة عقود- وبعد أن كان الغرب يسعى خلال هذه العقود السبعة لتوظيف الإسلام في صراعه ضد الشيوعية، التفت الغرب إلى الإسلام ليعلنه "العدو الأخضر" الذي حل محل "العدو الأحمر".

ويومها كتب الرئيس الأمريكي الأسبق "ريتشارد نيكسون" (1913- 1994م) -وهو مفكر استراتيجي- يدعو في كتابه "الفرصة السانحة" إلى توحيد الغرب الديني والعلماني لمواجهة ما سماه "الأصولية الإسلامية" التي تدعو -كما قال- إلى:

1- استرجاع الحضارة الإسلامية السابقة، عن طريق بعث الماضي، لاتخاذه هداية للمستقبل.
2- والسعي إلى تطبيق الشريعة الإسلامية.
3- واتخاذ الإسلام دينا ودولة.

وفي المجلة الفصلية المتخصصة "شؤون دولية" الصادرة في كمبردج" بإنجلترا عدد كانون الثاني/ يناير 1991م، قدم علماء الاجتماع دراستين عن "الإسلام والمسيحية" و"الإسلام والماركسية" جاء فيهما:

"لقد شعر الكثيرون في الغرب بالحاجة إلى اكتشاف تهديد يحل محل التهديد السوفييتي، وبالنسبة لهذا الغرض، فإن الإسلام جاهز وفي المتناول! فالإسلام مقاوم للعلمنة، وسيطرته على المؤمنين به قوية، وهي أقوى الآن عما كانت من مائة سنة مضت، ولذلك فهو من بين الثقافات الموجودة في الجنوب، هو الهدف المباشر للحملة الغربية الجديدة، ليس لسبب سوى أنه الثقافة الوحيدة القادرة على توجيه تحد فعلي وحقيقي لمجتمعات يسودها مذهب اللا أدرية وفتور الهمة واللامبالاة، وهي آفات من شأنها أن تؤدي إلى هلاك المجتمعات ماديا، فضلا عن هلاكها المعنوي".

ومنذ ذلك الحين، تبارى المفكرون الاستراتيجيون الغربيون في التحذير من الإسلام، وتأجيج نيران العداوة له، وإعلان الحرب عليه، فكتب "فوكوياما" يقول: "إن الإسلام هو الحضارة الوحيدة في العالم التي ترفض الحداثة الغربية، ومبدأها الأكثر أساسية وهو العلمانية، وإن الصراع الحالي ليس ضد الإرهاب، ولكنه صراع ضد العقيدة الإسلامية الأصولية التي ترفض الحداثة والدولة العلمانية، وهذا الصراع يمثل تحديا أيديولوجيا، وهو في بعض جوانبه أكثر أساسية من الخطر الذي شكلته الشيوعية".

ولقد انضم فيلسوف صراع الحضارات "صموئيل هنتنجتون" (1927- 2008م) إلى "فوكوياما" وأعلنا ضرورة قيام "حرب داخل الإسلام، حتى يقبل الحداثة الغربية، والعلمانية الغربية، والمبدأ المسيحي: فصل الدين عن الدولة"!

وانضم الفاتيكان للحملة الغربية المعادية للإسلام، فأعلن الكاردينال "بول بوبار" مساعد بابا الفاتيكان: "أن الإسلام يشكل تحديا لأوربا والغرب عموما، وأن هذا التحدي يكمن في أنه دين وثقافة ومجتمع وأسلوب حياة وتفكير وتصرف، في حين أن المسيحيين في أوربا يميلون إلى تهميش الكنيسة أمام المجتمع"!

وأعلن المونسنيور "جوزيبي برنارديني" -في حضرة بابا الفاتيكان- "أن العالم الإسلامي لديه برنامج للتوسع في أوروبا وهو يريد أن يفتحها فتحا جديدا"!

هكذا كان سقوط الشيوعية هو ميلاد الإسلاموفوبيا!

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة