الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التلفاز كيف نروضه ؟

التلفاز كيف نروضه ؟

التلفاز كيف نروضه ؟

أصبحت مشاهدة «التلفزيون» من أهم وسائل التسلية إذ تشغل 70% من وقت الفراغ حسب الإحصاءات العالمية، وهو ما ابعد الناس عن أشياء كثيرة كانت تفيد صحتهم البدنيّة كممارسة الرياضة بأنواعها المختلفة، وبذلك أصبح «التلفزيون» أحد أهم الأعداء الجدد لصحة الإنسان.

يقول الدكتور محمد المانع استشاري الأمراض الباطنية إن جهاز «التلفزيون» تحوّل في بعض الأشكال إلى رفيق للمائدة، حيث يُشاهد «التلفزيون» مع وجبات الطعام، وهو ما يفقد الإنسان القدرة على التوازن بين حاجته للغذاء أو المتعة منه لملء الفراغ، وهذا يسبب مشكلات صحية جمّة، فأكثر الأطعمة التي يتناولها الأفراد وهم يشاهدون «البرامج التلفزيونية» تحتوي على نسب عالية من السكريات والدهون مثل المكسرات و«الشكولاتة» والمشروبات الغازية، وبذلك يصاب الفرد بشكل أولي بالسمنة ومن ثم ارتفاع نسبة السكر والكولسترول في الدم، وهذا ما تؤكده إحصاءات حول ارتفاع عدد مرضى السكري في العالم.

وذكرت تقارير منظمة الصحة العالمية أن شيوع البدانة بين الأطفال مرتبط مباشرة بالساعات التي يقضيها الطفل أمام «التلفزيون» والكمبيوتر. وفي دراسة بريطانية، تبيّن أن الصور الومضية وأشكالا معيّنة تظهر على شاشة «التلفزيون» والعاب الفيديو المصورة والحواسيب، تزيد من خطر إصابة الأطفال بنوبات الصرع، حيث هناك مقاييس تقنية تثير النوبات التشنجية عند الأشخاص الأكثر استعداداً للمرض، كما أن الفئة العمرية بين 7 و 19 عاماً أكثر استعداداً للإصابة بالتشنجات المثارة بصرياً.

مشاهد عنف!
ومن جانبه يحذّر الدكتور محمد المهدي أخصائي الطب النفسي من الآثار النفسية لمشاهدة «التلفزيون» لمدد طويلة، قائلا: الأطفال والمراهقون يقضون أمام «التلفزيون» ساعات، ويعايشونه أكثر مما يعايشون آباءهم، وتشير الدراسات إلى أن الطفل في بعض الأقطار العربية يقضي أمام «التلفزيون» ما بين 3 و 4 ساعات يومياً، وأكثر من ذلك في أيام العطل، وبذلك يصبح «التلفزيون» أداة بالغة التأثير، خاصة إذا أشاع العنف فيما يعرضه من مواد، لأن مشاهدة العنف «التلفزيوني» في حالة الاسترخاء الجسماني تؤدّي إلى تراكم الانفعال لدى الطفل فتزيد من توتره أو إحباطه، مما يولّد لديه في النهاية مشاعر من العنف. بعض الدراسات النفسية خلصت إلى أن المراهقين الذين تابعوا برامج العنف «التلفزيونية» لفترة طويلة، كانوا أكثر عدوانية في تصرفاتهم مع الآخرين أو تورّطوا في أعمال سطو وسرقة واعتداءات ومشاجرات بعد وصولهم إلى مرحلة الرجولة مقارنةً بالذين تابعوا تلك البرامج لفترة قصيرة.

وهنالك العديد من الأطفال يعانون من الخوف واضطرابات النوم وتكدّر المزاج واضطراب الشهية بسبب مشاهدتهم لتلك البرامج «التلفزيونية»، كما أن الأبناء الذين يقضون وقتاً طويلاً في المشاهدة يؤدّي الأمر بهم إلى ضيق الوقت الذي يقضونه مع أسرهم، مما يسهم في تقليل فرص الاجتماعات العائلية وتعزيز ميل الأبناء إلى العزلة.

وفي بريطانيا أجريت اختبارات طبية على الأطفال في سن المدرسة كشفت أن الإشعاع الصادر من «التلفزيون» يضر بالدوائر الكهربائية في الدماغ، ويؤدّي إلى تشكل مواد كيماوية جديدة وخطيرة فيه.

ووجد العلماء أن ذلك الإشعاع يزيد نشاط النصف الأيمن من الدماغ على حساب النصف الأيسر، الأمر الذي يؤدّي إلى تشويش الطفل وإضعاف انتباهه وتركيزه ومستوى احتماله ويجعله عرضة للإحباط والكآبة، كما يسبب تراجعاً في ذاكرته وقدرته على التحليل والسيطرة على عواطفه. وأشار العلماء إلى أن التحوّل من المنطقة اليسرى إلى المنطقة اليمنى في الدماغ يطلق مجموعة من الأفيونات الطبيعية في الجسم التي تشبه في تركيبتها الأفيون العادي ومشتقاته من المواد المخدّرة، وهو ما يؤدّي مع الوقت إلى إحداث تلف في الدماغ.

يقتل الإبداع !
الدكتور محمود منسي أستاذ علم النفس التربوي في جامعة الإسكندرية في مصر أعدّ دراسة حول تأثير «التلفزيون» في الأطفال كشفت أن «للتلفزيون» تأثيراً سلبياً في ملكة التخيل والإبداع عند الطفل لأنه يقدم معلومات جاهزة ومحددة لا تساعد على تنمية روح الخيال والابتكار لديه.

وذكرت الدراسة أن الحكايات التي كانت ترويها الأمهات والجدات قبل النوم كانت تسهم بشكل أكبر في إذكاء روح الخيال والإبداع لدى الأطفال، وحذّرت الدراسة من أن معظم البرامج الموجهة إلى الطفل خاصة قبل سن الدخول إلى المدرسة تفتقد الرؤية التربوية والثقافية السليمة وتبدو متأثرة بمثيلاتها من البرامج الغربية والمستوردة الأمر الذي يسهم في تغريب أفكار الأطفال ويبعدهم عن ثقافتهم المحلية.

وطالبت الدراسة بتعميق إحساس الطفل ببيئته واختراع شخصيات «كرتونية» من البيئة المحلية بدلا من الشخصيات الغربية التي يحفظها الطفل والتي «تمجد» القيم والثقافات الغريبة عن المجتمعات العربية والإسلامية.

كما حذّرت الدراسة من تأثير «التلفزيون» في الهوايات الأخرى وأهمها القراءة والرياضة مشيرة إلى أن «التلفزيون» يسهم في تقليل نشاط الطفل الذهني والحركي بصورة غير مطلوبة.

قصر النظر
ويوضح الدكتور أحمد الحوفي، أخصائي أمراض وجراحة العيون أن لمشاهدة «التلفزيون» لفترات طويلة سلبيات عديدة على العيون، حيث تؤدَّي إلى الإصابة بتشنّج في عضلات العين المسؤولة عن وظيفة المقاربة، وهذه العضلات تعمل عندما ينظر الفرد إلى مسافة قريبة، كما أن الاستمرار في إجهاد العضلة يؤدّي إلى الإصابة بقصر النظر التشنجي الذي يتحوّل فيما بعد إلى قصر نظر حقيقي.
ويعتبر «التلفزيون» عاملاً بيئياً يساعد على ظهور (قصر النظر)، والأمر يزداد سوءاً إذا كان لدى الطفل عامل وراثي من طرف الأم أو الأب حيث تظهر الحالة المرضية بشدة أكبر.
وتشير الدراسات العالمية الحديثة إلى زيادة نسبة إصابة الأطفال بقصر النظر حيث أنه يوجد 3 أطفال من أصل خمسة يعانون من قصر النظر التشنجي أو قصر النظر.

ولفت الحوفي إلى وضعيات مشاهدة «التلفزيون» الخاطئة كمشاهدة «التلفزيون» خلال الاستلقاء على الظهر، وكذلك استلقاء الطفل على البطن وإسناد الذقن على راحتي اليدين، حيث تصبح مشاهدته «للتلفزيون» تتم من الأسفل إلى الأعلى، الأمر الذي يؤدّي إلى إحداث ضغط على عضلات الرقبة والأكتاف، إضافة إلى عضلات العين.

يزيد البدانة
وتكشف إيمان الحربي أخصائية التغذية أن الدراسات الحديثة أكدت أن الأطفال الذين يتابعون «التلفزيون» لأكثر من أربع ساعات يومياً، يعاني غالبيتهم من السمنة بسبب انخفاض مستوى النشاط، وقد يلجأ المراهقون إلى تناول الوجبات السريعة خلال الجلوس.

وتابعت الحربي قائلة: أظهرت دراسة أسترالية أن الجلوس أمام «التلفزيون» ساعات طويلة يزيد من خطر الإصابة بتسوّس الأسنان نتيجة طول مدة مكوث الطعام في الفم، حيث يؤدّي تخمّر الكربوهيدرات الموجودة في الطعام بواسطة البكتيريا الموجودة في الفم إلى تكوين أحماض تعمل على نخر الأسنان وإصابتها بالتسوس.

مسؤولية الآباء والأمهات
عقدت جامعة نورث كارولينا الأمريكية ورشة عمل حول تأثير التلفاز على الأطفال وخلص الخبراء المشاركون فيها إلى عدد من التوصيات الموجهة إلى الآباء والأمهات أهمها:

- اختيار البرنامج «التلفزيوني» طبقاً لعمر الطفل، فالأطفال يحبون الألوان الفاتحة والحركة والصوت كما أن الأطفال الصغار يميلون إلى القصص البسيطة والأشياء التي تتناسب مع ظروف حياتهم المعيشية.

- اختيار برامج «تلفزيونية» متنوعة مثل برنامج «كارتون» أو برامج مسلّية أخرى، فكل هذه البرامج وضعت خصيصاً للأطفال في سن ما قبل المدرسة أي في سن الرابعة.

- عند مشاهدة برنامج «تلفزيوني» مع الطفل يُنصح بمساعدته في أن يتفاعل حسيا مع ما يشاهده على الشاشة، ومحاولة توضيح علاقة ما يقدّمه «التلفزيون» بالحياة اليومية.

- عدم احتكار مشاهدة كل البرامج «التلفزيونية» من قبل أولياء الأمور من دون برنامج مُسَلّ يناسب الطفل والأسرة.

- إذا لم تكن الأم بجوار الطفل أثناء مشاهدته «التلفزيون» يُنصح بأن تقدّم له برنامجا يساعد وينمّي ذاكرته وقدرته العقلية.

- على الأم والأب أن يحاولا مساعدة طفلهما كي يكون ناقدا لما يراه ويختارا البرامج التي تناسبه.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة