الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم بين موانع الحيض بقوله ( ومنع ) الحيض ( صحة صلاة وصوم و ) منع ( وجوبهما ) وقضاء الصوم بأمر جديد ( و ) منع ( طلاقا ) بمعنى أنه يحرم إيقاعه زمنه إن دخل وكانت غير حامل ووقع وأجبر على الرجعة ولو أوقعه على من تقطع طهرها يوم طهرها [ ص: 173 ] ( و ) مع ( بدء ) أي ابتداء ( عدة ) فيمن تعتد بالأقراء فلا تحسب أيام الحيض منها بل مبدؤها من الطهر الذي بعد الحيض ( و ) منع ( وطء فرج أو تحت إزار ) يعني أنه يحرم الاستمتاع بما بين السرة والركبة ولو على حائل وهما خارجان ويجوز بما عدا ذلك كالاستمتاع بيدها وصدرها ويستمر المنع ( ولو بعد نقاء ) من الحيض ( و ) بعد ( تيمم ) تحل به الصلاة لأنه وإن حلت به لا يرفع الحدث ولا بد من التطهير بالماء إلا لطول يحصل به ضرر فله الوطء بعد التيمم ندبا ( و ) منع ( رفع حدثها ) فلا يصح غسلها حال حيضها إذا نوت رفع حدث الحيض بل ( ولو جنابة ) كانت عليها قبل الحيض أو بعده ( و ) منع ( دخول مسجد ) إلا لعذر كخوف على نفس أو مال [ ص: 174 ] ( فلا تعتكف ولا تطوف ) ( و ) منع ( مس مصحف ) ( لا ) يمنع ( قراءة ) حال نزوله ولو متلبسة بجنابة قبله وكذا بعد انقطاعه إلا أن تكون متلبسة بجنابة قبله فلا يجوز نظرا للجنابة مع القدرة على رفعها

التالي السابق


( قوله : صحة صلاة وصوم ) أي كان كل منهما نفلا أو فرضا كان الفرض أداء أو قضاء ( قوله : وقضاء الصوم بأمر جديد ) أي لا بأمر سابق فاندفع ما يقال إن وجوب القضاء فرع عن وجوب الأداء فلا يجب القضاء إلا على من تعلق به وجوب الأداء والحيض مسقط لوجوب الصوم فلم يتعلق وجوب الأداء بالحائض فكيف يجب عليها قضاء الصوم وإنما وجب قضاء الصوم بأمر جديد من الشارع دون الصلاة لخفة مشقته بعدم تكرره ( قوله : بأمر جديد ) أي بأمر متجدد تعلقه بعد الطهر إذ الحيض منع تعلق الخطاب الأول المكلف به حالة وجوده ( قوله : وطلاقا ) عطف على صحة كما أشار له الشارح أي ومنع الحيض طلاقا أي حرمة فيكون المصنف استعمل المنع في الصحة بمعنى الرفع وفي الطلاق بمعنى التحريم فاستعمل اللفظ في حقيقته ومجازه ( قوله : بمعنى أنه يحرم إيقاعه زمنه ) أي لما في ذلك من تطويل العدة عليها ( قوله : إن دخل ) أي وأما غير الدخول بها فلا حرمة في طلاقها في الحيض لأنه لا عدة عليها ( قوله : وكانت غير حامل ) أي وأما الحامل فلا حرمة في طلاقها زمنه لأنه وإن كان يلزمها العدة لكن لا تطويل عليها فيها لأن عدتها بوضع حملها كله سواء طلقت في الحيض أو في غيره ( قوله : ووقع ) أي الطلاق في زمن الحيض ( قوله : ولو أوقعه على من تقطع طهرها يوم طهرها ) هذا مبالغة في قوله ومنع طلاقا وإنما منع الطلاق في يوم طهرها لأنه يوم حيض حكما لأنه إنما يحكم عليها بأنها مستحاضة طاهرة بعد أيام التلفيق وحينئذ فحرمة الطلاق في زمن الحيض ولو كان ذلك الزمان زمانا له حكما وبالجملة ما ذكره الشارح تبعا لعبق من حرمة الطلاق إذا أوقعه على من تقطع طهرها يوم طهرها له وجه فاعتراض بن بأنه لا سبيل للحرمة فيه نظر وما ذكره الشارح من الجبر على الرجعة فهو أحد قولين فقد نقل بن عن ابن يونس عدم الجبر عليها ونقل [ ص: 173 ] عن أبي بكر بن عبد الرحمن وحذاق أصحابه الجبر عليها لتطويل العدة ا هـ لكن المصنف مر فيما يأتي على الجبر حيث قال وأجبر على الرجعة ولو لمعتادة الدم وهذا يقتضي أنه كالمطلق في الحيض وحينئذ فيحكم بالحرمة فتأمل ( قوله : وبدء عدة ) قال بعضهم لا فائدة للتنصيص على هذا أصلا لأنه لا يمكن فرضه إلا في المطلقة في الحيض وهي تعتد بالأقراء وهي الأطهار والحيض ليس منها فلا يتوهم بدؤها منه حتى ينص على نفيها ( قوله : فيمن تعتد بالأقراء ) أي وأما المتوفى عنها زوجها وهي حائض فتحسب الأربعة أشهر وعشرا من يوم الوفاة ولا يكون الحيض مانعا من ابتداء عدتها ( قوله : أو تحت إزار ) أي أو ما تحت إزار أي أو وطء ما تحت إزار أي أو وطء المكان الذي شأنه أن يشد عليه الإزار ( قوله : يعني أنه يحرم إلخ ) أتى بالعناية لإجمال الكلام بالنسبة لما تحت الإزار فإنه ربما كان مسبولا للقدم فأتى بها لبيان المقصود من ذلك وأنه ما بين السرة والركبة ثم إن ظاهر كلام الشارح يقتضي أن ما بين السرة والركبة يحرم الاستمتاع به بالجماع وبغيره من لمس ومباشرة وهو ما قاله عج ومن تبعه وفي بن الذي لابن عاشر ما نصه ظاهر عباراتهم جواز الاستمتاع بما تحت الإزار بغير الوطء من لمس ومباشرة ونظر حتى للفرج وقال أبو علي المسناوي نصوص الأئمة تدل على أن الذي يمنع تحت الإزار هو الوطء فقط لا التمتع بغيره خلافا لعج ومن تبعه وقال ابن الجلاب ولا يجوز وطء الحائض في فرجها ولا فيما دون فرجها ومثل ذلك في عبارة عبد الوهاب وابن رشد وابن عطية وابن عرفة وغيرهم إذا علمت هذا فقول الشارح يعني يحرم الاستمتاع بما بين السرة والركبة لا يصح لأنه خلاف النقل وأعجب من هذا قوله ولو على حائل فالموافق للنقل أن يقول أي ومنع الحيض وطئا لما تحت إزار ا هـ كلام بن لكن ذكر شيخنا أن ح ذكر في شرح الورقات أن المشهور حرمة الاستمتاع بما تحت الإزار ولو بغير الوطء وحينئذ فلا اعتراض على الشارح فظهر من هذا أن الوطء فيما تحت الإزار سواء كان فرجا أو غيره حرام باتفاق وأما التمتع بغير الوطء كاللمس والمباشرة فيما تحت الإزار ففيه قولان مرجحان بالمنع ولو من فوق حائل وعدمه ومشهورهما المنع كما ذكره ح وأما النظر لما تحت الإزار ولو الفرج فلا حرمة فيه ولو التذ بالنظر ( قوله : ويجوز ) أي الاستمتاع وقوله كالاستمتاع بيدها وصدرها أي وكذا عكن بطنها وذلك بأن يستمني بما ذكر من الأمور الثلاثة مثلا ( قوله : ويستمر المنع ) أي من وطء الفرج ومن وطء ما تحت الإزار ا هـ فالمبالغة راجعة لوطء الفرج ولما تحت الإزار لا لوطء الفرج فقط بحيث يقال إذا انقطع يسوغ له التمتع بما تحت الإزار غير الفرج ( قوله : ولو بعد نقاء ) أي ولو حصل النقاء من الحيض ورد المصنف بلو على ابن نافع القائل بجواز وطء الفرج وما تحت الإزار بعد النقاء على ابن بكير القائل بالكراهة ( قوله : وتيمم ) أي خلافا لابن شعبان القائل إذا تيممت لعذر بعد انقطاعه جاز وطؤها ولو لم يخف الضرر ( قوله : لأنه وإن حلت ) أي الصلاة به ( قوله : ولا بد ) أي في جواز الوطء ( قوله : إلا لطول ) أي لعدم الماء أو عدم القدرة على استعماله ( قوله : فله الوطء بعدم التيمم ندبا ) قد يقال مقتضى النظر أن يكون التيمم واجبا إلا أن يقال إنه لوحظ قول من اكتفى بالنقاء أو يقال المبيح في الحقيقة الطول لعدم اعتبار التيمم هنا في المشهور ( قوله : بل ولو جنابة ) أي بل ولو نوت رفع حدث الجنابة التي كانت عليها قبل الحيض أو حصلت لها بعد حصوله فإن الحيض يمنع حدث الجنابة على المشهور خلافا لمن قال إن حدث الجنابة يرتفع وينبني على هذا الخلاف أن [ ص: 174 ] الحائض إذا كانت جنبا واغتسلت حال الحيض من الجنابة ثم انقطع الحيض فهل يجوز لها القراءة قبل الغسل من الحيض أو لا ؟ فعلى المشهور تمنع من القراءة وتجوز لها القراءة على مقابله ( قوله : فلا تعتكف ولا تطوف ) ليسا ضروري الذكر مع قوله ودخول مسجد ( قوله : ومس مصحف ) أي ما لم تكن معلمة أو متعلمة وإلا جاز مسها له ( قوله : وكذا بعد انقطاعه ) أي وكذا لا تمنع القراءة بعد انقطاعه ( قوله : إلا أن تكون متلبسة بجنابة قبله فلا يجوز ) حاصل كلامه أن المرأة إذا انقطع حيضها جاز لها القراءة إن لم تكن جنبا قبل الحيض فإن كانت جنبا قبله فلا يجوز لها القراءة وقد تبع الشارح في ذلك عبق وجعله المذهب وهو ضعيف والمعتمد ما قاله عبد الحق وهو أن الحائض إذا انقطع حيضها لا تقرأ حتى تغتسل جنبا كانت أو لا إلا أن تخاف النسيان كما أن المعتمد أنه يجوز لها القراءة حال استرسال الدم عليها كانت جنبا أم لا خافت النسيان أم لا كما صدر به ابن رشد في المقدمات وصوبه واقتصر عليه في التوضيح وابن فرحون وغير واحد قال ح وهو الظاهر وفيه أيضا عن ابن عرفة قال الباجي قال أصحابنا تقرأ الحائض ولو بعد طهرها قبل غسلها وظاهره كانت متلبسة بجنابة قبله أم لا انظر بن




الخدمات العلمية