الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة العاشرة : في تفاريع التسمية وفيه فروع : -

                                                                                                                                                                                                                                            الفرع الأول : قالت الشيعة : السنة هي الجهر بالتسمية ، سواء كانت في الصلاة الجهرية أو السرية ، وجمهور الفقهاء يخالفونهم فيه .

                                                                                                                                                                                                                                            الفرع الثاني : الذين قالوا : التسمية ليست آية من أوائل السور ، اختلفوا في سبب إثباتها في المصحف في أول كل سورة ، وفيه قولان : الأول : أن التسمية ليست من القرآن ، وهؤلاء فريقان : منهم من قال : إنها كتبت للفصل بين السور ، وهذا الفصل قد صار الآن معلوما ، فلا حاجة إلى إثبات التسمية ، فعلى هذا لو لم تكتب لجاز : ، ومنهم من قال : إنه يجب إثباتها في المصاحف ولا يجوز تركها أبدا . والقول الثاني أنها من القرآن ، وقد أنزلها الله تعالى ، ولكنها آية مستقلة بنفسها ، وليست آية من السورة ، وهؤلاء أيضا فريقان : منهم من قال : إن الله تعالى كان ينزلها في أول كل سورة على حدة ، ومنهم من قال : لا ، بل أنزلها مرة واحدة ، وأمر بإثباتها في أول كل سورة ، والذي يدل على أن الله تعالى أنزلها ، وعلى أنها من القرآن ما روي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعد بسم الله الرحمن الرحيم آية فاصلة ، وعن إبراهيم بن يزيد قال : قلت لعمرو بن دينار : إن الفضل الرقاشي يزعم أن بسم الله الرحمن الرحيم ليس من القرآن ، فقال : سبحان الله ما أجرأ هذا الرجل ! سمعت سعيد بن جبير يقول : سمعت ابن عباس يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم علم أن تلك السورة قد ختمت وفتح غيرها ، وعن عبد الله بن المبارك أنه قال : من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك مائة وثلاث عشرة آية ، وروي مثله عن ابن عمر ، وأبي هريرة .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 171 ] الفرع الثالث : القائلون بأن التسمية آية من الفاتحة وأن الفاتحة يجب قراءتها في الصلاة ، لا شك أنهم يوجبون قراءة التسمية أما الذين لا يقولون به فقد اختلفوا ، فقال أبو حنيفة ، وأتباعه ، والحسن بن صالح بن جني ، وسفيان الثوري ، وابن أبي ليلى : يقرأ التسمية سرا ، وقال مالك : لا ينبغي أن يقرأها في المكتوبة لا سرا ولا جهرا ، وأما في النافلة فإن شاء قرأها وإن شاء ترك .

                                                                                                                                                                                                                                            الفرع الرابع : مذهب الشافعي يقتضي وجوب قراءتها في كل الركعات ، أما أبو حنيفة فعنه روايتان : روى يعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه يقرأها في كل ركعة قبل الفاتحة ، وروى أبو يوسف ، ومحمد ، والحسن بن زياد ثلاثتهم جميعا ، عن أبي حنيفة أنه قال : إذا قرأها في أول ركعة عند ابتداء القراءة لم يكن عليه أن يقرأها في تلك الصلاة حتى يفرغ منها ، قال : وإن قرأها مع كل سورة فحسن .

                                                                                                                                                                                                                                            الفرع الخامس : ظاهر قول أبي حنيفة أنه لما قرأ التسمية في أول الفاتحة فإنه لا يعيدها في أوائل سائر السور ، وعند الشافعي أن الأفضل إعادتها في أول كل سورة ؛ لقوله عليه السلام : كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر .

                                                                                                                                                                                                                                            الفرع السادس : اختلفوا في أنه هل يجوز للحائض والجنب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم ؟ والصحيح عندنا أنه لا يجوز .

                                                                                                                                                                                                                                            الفرع السابع : أجمع العلماء على أن تسمية الله على الوضوء مندوبة ، وعامة العلماء على أنها غير واجبة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : توضأ كما أمرك الله به ، والتسمية غير مذكورة في آية الوضوء ، وقال أهل : الظاهر إنها واجبة ، فلو تركها عمدا أو سهوا لم تصح صلاته ، وقال إسحاق : إن تركها عامدا لم يجز ، وإن تركها ساهيا جاز .

                                                                                                                                                                                                                                            الفرع الثامن : متروك التسمية عند التذكية هل يحل أكله أم لا ؟ المسألة في غاية الشهرة ، قال الله تعالى : ( فاذكروا اسم الله عليها صواف ) [ الحج : 36 ] وقال تعالى : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) [ الأنعام : 121 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            الفرع التاسع : أجمع العلماء على أنه يستحب أن لا يشرع في عمل من الأعمال وإلا ويقول : " بسم الله " فإذا نام قال : " بسم الله " ، وإذا قام من مقامه قال : " بسم الله " ، وإذا قصد العبادة قال : " بسم الله " ، وإذا دخل الدار قال : " بسم الله " ، أو خرج منها قال : " بسم الله " ، وإذا أكل أو شرب أو أخذ أو أعطى قال : " بسم الله " ، ويستحب للقابلة إذا أخذت الولد من الأم أن تقول : " بسم الله " ، وهذا أول أحواله من الدنيا ، وإذا مات وأدخل القبر قيل : " بسم الله " وهذا آخر أحواله من الدنيا ، وإذا قام من القبر قال أيضا : " بسم الله " ، وإذا حضر الموقف قال : " بسم الله " ، فتتباعد عنه النار ببركة قوله : " بسم الله " .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية