الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5358 ) فصل : ويحرم على الرجل نكاح بنته من الزنى ، وأخته ، وبنت ابنه ، وبنت بنته ، وبنت أخيه ، وأخته من الزنى . وهو قول عامة الفقهاء . وقال مالك ، والشافعي في المشهور من مذهبه : يجوز ذلك كله ; لأنها أجنبية منه ولا تنسب إليه شرعا ، ولا يجري التوارث بينهما ، ولا تعتق عليه إذا ملكها ، ولا تلزمه نفقتها ، فلم تحرم عليه ، كسائر الأجانب . ولنا ، قول الله تعالى : { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم } .

                                                                                                                                            وهذه بنته ، فإنها أنثى مخلوقة من مائه ، وهذه حقيقة لا تختلف بالحل والحرمة ، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في امرأة هلال بن أمية : { انظروه . يعني ولدها فإن جاءت به على صفة كذا فهو لشريك ابن سحماء } . يعني الزاني . ولأنها مخلوقة من مائه وهذه حقيقة لا تختلف بالحل [ ص: 92 ] والحرمة ، فأشبهت المخلوقة من وطء بشبهة ، ولأنها بضعة منه ، فلم تحل له ، كبنته من النكاح ، وتخلف بعض الأحكام لا ينفي كونها بنتا ، كما لو تخلف لرق أو اختلاف دين .

                                                                                                                                            إذا ثبت هذا ، فلا فرق بين علمه بكونها منه ، مثل أن يطأ امرأة في طهر لم يصبها فيه غيره ، ثم يحفظها حتى تضع ، أو مثل أن يشترك جماعة في وطء امرأة ، فتأتي بولد لا يعلم هل هو منه أو من غيره ؟ فإنها تحرم على جميعهم لوجهين ; أحدهما ، أنها بنت موطوءتهم . والثاني ، أننا نعلم أنها بنت بعضهم ، فتحرم على الجميع ، كما لو زوج الوليان ، ولم يعلم السابق منهما ، وتحرم على أولادهم ; لأنها أخت بعضهم غير معلوم ، فإن ألحقتها القافة بأحدهم ، حلت لأولاد الباقين ، ولم تحل لأحد ممن وطئ أمها ; لأنها في معنى ربيبته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية