الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) ثانيها ( الاستقبال ) كما مر بيانه مع ما يستثنى منه ( و ) ثالثها ( ستر العورة ) عند القدرة وإن كان خاليا في ظلمة للخبر الصحيح { لا يقبل الله صلاة حائض أي بالغ إلا بخمار } فإن عجز بالطريق السابق في التيمم ومن ثم لزمه هنا سؤال نحو العارية وقبول هبة تافهة كطين صلى عاريا وأتم ركوعه وسجوده وجوبا ولا إعادة عليه فإن وجده فيها استتر به فورا وبنى حيث لا تبطل كالاستدبار ويلزمه أيضا سترها خارج الصلاة ولو في الخلوة لكن الواجب فيها ستر سوأتي الرجل والأمة وما بين سرة وركبة الحرة فقط [ ص: 111 ] إلا لأدنى غرض كتبريد وخشية غبار على ثوب يجمله ويكره له نظر سوأة نفسه بلا حاجة ( وعورة الرجل ) ولو قنا وصبيا غير مميز ( ما بين سرته وركبتيه ) لخبر به له شواهد منها الحديث الحسن { غط فخذك فإن الفخذ عورة } نعم يجب ستر جزء منهما ليتحقق به ستر العورة ( وكذا الأمة ) ولو مبعضة ومكاتبة وأم ولد عورتها ما ذكر ( في الأصح ) كالرجل بجامع أن رأس كل غير عورة إجماعا ( و ) عورة ( الحرة ) ولو غير مميزة والخنثى الحر [ ص: 112 ] ( ما سوى الوجه والكفين ) ظهرهما وبطنهما إلى الكوعين لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } أي إلا الوجه والكفين وللحاجة لكشفهما وإنما حرم نظرهما كالزائد على عورة الأمة لأن ذلك مظنة للفتنة وعورتها خارجها في الخلوة كما مر وعند نحو محرم ما بين السرة والركبة وصوتها غير عورة

                                                                                                                              ( تنبيه ) عبر شيخنا بقوله والخنثى رقا وحرية كالأنثى وقوله رقا غير محتاج إليه لأن عورة الذكر والأنثى القنين لا تختلف إلا على الضعيف أن عورة الأنثى أوسع من عورة الذكر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وستر العورة ) قال في الروضة ويجب أي سترها مطلقا أي في الصلاة وغيرها ، ولو في خلوة لا عن نفسه ا هـ وظاهره أنه لا يجب سترها عن نفسه في الصلاة لكن المعتمد كما قاله شيخنا الرملي وجوب سترها عن نفسه في الصلاة حتى لو لبس غرارة وصار بحيث يمكنه رؤية عورته لم تصح صلاته ( قوله والأمة ) المتجه أنها كالحرة م ر .

                                                                                                                              ( فرع ) تعلقت جلدة من غير العورة إليها أو بالعكس مع التصاق أو دونه [ ص: 111 ] فيحتمل أن يجري في وجوب سترها وعدمه ما ذكروه في وجوب الغسل وعدمه فيما لو تعلقت جلدة من محل الفرض في اليدين إلى غيره أو بالعكس

                                                                                                                              ( فرع ) آخر لو طال ذكره بحيث جاوز في نزوله الركبتين فالوجه وجوب سترة جميعه ولا يجب ستر ما يحاذيه من الركبتين وما نزل عنهما من الساقين ، وكذا يقال في سلعة أصلها في العورة وتدلت حتى جاوزت الركبتين ، وكذا يقال في شعر العانة إذا طال وتدلى وجاوز الركبتين

                                                                                                                              ( فرع ) آخر فقد المحرم السترة إلا على وجه يوجب الفدية بأن لم يجد إلا قميصا لا يتأتى الاتزار به فهل يلزمه الصلاة فيه ويفدي أو لا يلزمه ذلك ولكن يجوز له أو يفصل فإن زادت الفدية على أجرة مثل ثوب يستأجر أو ثمن مثل ثوب يباع لم يلزمه كما لا يلزمه الاستئجار والشراء حينئذ وإلا لزمه فيه نظر والثالث قريب ( قوله والخنثى الحر ) فلو انكشف منه شيء مما عدا الوجه والكفين لم تصح صلاته سواء وجد انكشاف ذلك في الابتداء أو الأثناء وفارق ما لو أحرم بالجمعة أربعون وخنثى ثم بطلت صلاة واحد من الأربعين حيث لا تبطل الجمعة لتحقق انعقادها والأصل عدم المبطل لاحتمال ذكورة الخنثى ولا تبطل بالشك بان الشك هنا في أمر يتعلق به وهو ستر عورته وهناك في أمر خارج عنه وهو تمام العدد ويغتفر في الخارج ما لا يغتفر في غيره كذا اعتمدهم ر ويحتمل صحة صلاته إذا طرأ الانكشاف في الأثناء للشك في المبطل بعد تحقق الانعقاد ، وهذا في غاية الاتجاه [ ص: 112 ] وقد يقتضي جعله كالأنثى احتياطا للبطلان أيضا عند طرو الانكشاف ( قوله لقوله تعالى إلخ ) الاستدلال به يتوقف على أنه وارد في الصلاة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله كما مر بيانه ) أي في كتاب الصلاة ( قوله مع ما يستثنى منه ) أي من صلاة الخوف ونفل السفر وغيرهما قول المتن ( وستر العورة ) والعورة لغة النقصان والشيء المستقبح وسمي المقدار الآتي بيانه بذلك لقبح ظهوره وتطلق أيضا أي شرعا على ما يجب ستره في الصلاة وهو المراد هنا وعلى ما يحرم النظر إليه وسيأتي في النكاح إن شاء الله تعالى نهاية ومغني ( قوله عند القدرة ) إلى قوله لكن الواجب في المغني إلا قوله بالطريق إلى صلى وقوله فإن وجده إلى ويلزمه وإلى المتن في النهاية إلا ما ذكر وقوله والأمة وقوله يجمله ( قوله وإن كان خاليا في ظلمة ) أي وبالأولى إذا كان خاليا فقط أو في ظلمة فقط شيخنا ( قوله عند القدرة ) وظاهر كلام الروضة أنه لا يجب سترها عن نفسه في الصلاة لكن المعتمد كما قاله شيخنا الرملي وجوب سترها عن نفسه في الصلاة حتى لو لبس غرارة وصار بحيث يمكنه رؤية عورته لم تصح صلاته سم ويأتي عن النهاية والمغني ما يوافقه .

                                                                                                                              ( قوله للخبر الصحيح إلخ ) ولقوله تعالى { خذوا زينتكم عند كل مسجد } قال ابن عباس المراد به الثياب في الصلاة نهاية ومغني ( قوله أي بالغ إلخ ) عبارة النهاية أي بالغة إذ الحائض زمن حيضها لا تصح صلاتها بخمار ولا غيره وظاهر أن غير البالغة كالبالغة لكنه قيد بها جريا على الغالب ا هـ . أي من غلبته الصلاة من البالغات دون الصغيرات ( قوله ومن ثم ) الإشارة إلى قوله بالطريق إلخ ( قوله سؤال نحو العارية ) أي ممن ظن منه الرضا بها شيخنا ( قوله وقبول هبة نافعة إلخ ) فإن لم يقبل لم تصح صلاته لقدرته على الستر ولا يلزم قبول هبة الثوب للمنة على الأصح شيخنا ونهاية ومغني ( قوله وجوبا ) راجع لكل من صلى وأتم ( قوله صلى عاريا ) أي الفرائض والسنن على ما مر له م ر في التيمم من اعتماده ولا يحرم عليه رؤية عورته في هذه الحالة فلا يكلف غض البصر ع ش ( قوله ولو في الخلوة ) وفائدة الستر في الخلوة مع أن الله تعالى لا يحجبه شيء فيرى المستور كما يرى المكشوف أنه يرى الأول متأدبا والثاني تاركا للأدب نهاية ومغني ( قوله ويلزم أيضا سترها خارج الصلاة إلخ ) لإطلاق الأمر بالستر ولأن الله تعالى أحق أن يستحى منه مغني ونهاية ( قوله والأمة ) المتجه أنها كالحرة م ر ا هـ . سم عبارة النهاية والعورة التي يجب سترها في الخلوة السوأتان فقط من الرجل وما بين السرة والركبة من المرأة وظاهر أن الخنثى كالمرأة .

                                                                                                                              [ ص: 111 ] ا هـ . ( قوله إلا لأدنى ) إلى المتن في المغني إلا قوله يجمله ( قوله إلا لأدنى غرض إلخ ) فيجوز الكشف له أي بلا كراهة وليس من الغرض حاجة الجماع لأن السنة فيه أن يكونا مستترين ع ش ورده الرشيدي فقال ومن الغرض كما هو ظاهر غرض الجماع وسن الستر عنده لا يقتضي حرمة الكشف كما لا يخفى خلافا لما في حاشية الشيخ وإلا لكان الستر عنده واجبا لا مسنونا ا هـ . بحذف وقد يجاب بأن قول ع ش وليس إلخ راجع لنفي الكراهة لا لجواز الكشف ( قوله كتبريد ) أي واغتسال نهاية ومغني ( قوله على ثوب يجمله ) قضية قول النهاية والمغني وصيانة الثوب عن الأدناس والغبار عند كنس البيت ونحوه ا هـ . بإطلاق الثوب أن التجمل ليس بقيد فليراجع ( قوله ويكره له نظره إلخ ) أي في خارج الصلاة وأما فيها فممتنع فلو رأى عورة نفسه في صلاته بطلت كما في فتاوى المصنف الغريبة وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى نهاية قال ع ش ظاهره ولو كان طوقه ضيقا جدا وهو ظاهر ا هـ . ( قوله وصبيا غير مميز ) ويظهر فائدته في طوافه إذا أحرم عنه وليه نهاية ومغني ( قوله نعم يجب إلخ ) استدراك على ما أفاده لفظة بين عبارة النهاية أما نفس السرة والركبة فليستا منها لكن يجب إلخ وعبارة المغني وخرج بذلك السرة والركبة فليستا من العورة على الأصح وقيل الركبة منها دون السرة وقيل عكسه وقيل السوأتان فقط وبه قال مالك وجماعة ا هـ . ( قوله ولو مبعضة ) إلى قوله وللحاجة في النهاية والمغني ( قوله ما ذكر ) أي ما بين السرة والركبة

                                                                                                                              ( فرع ) تعلقت جلدة من فوق العورة إليها أو بالعكس مع التصاق أو دونه فيحتمل أن يجري في وجوب سترها وعدمه ما ذكروه في وجوب الغسل وعدمه فيما لو تعلقت جلدة من محل الفرض في اليدين إلى غيره أو بالعكس

                                                                                                                              ( فرع آخر ) لو طال ذكره بحيث جاوز نزوله الركبتين فالوجه وجوب ستر جميعه ولا يجب ستر ما يحاذيه من الركبتين وما نزل عنهما من الساقين ، وكذا يقال في سلعة أصلها في العورة وتدلت حتى جاوزت الركبتين ، وكذا يقال في شعر العانة إذا طال وتدلى حتى جاوز الركبتين

                                                                                                                              ( فرع آخر ) فقد المحرم السترة إلا على وجه يوجب الفدية بأن لم يجد إلا قميصا لا يتأتى الاتزار به فهل يلزمه الصلاة فيه ويفدي أو لا يلزمه ذلك ولكن يجوز له أو يفصل فإن زادت الفدية على أجرة مثل ثوب يستأجر أو ثمن مثل ثوب يباع لم يلزمه كما لا يلزمه الاستئجار والشراء حينئذ وإلا لزمه فيه نظر والثالث قريب سم على حج وفي حاشية شيخنا العلامة الشوبري على التحرير بعد قول سم في آخر الفرع الأول أو بالعكس ما نصه قلت ويحتمل وهو الوجه عدم وجوب الستر في الأولى لأنها ليست من أجزاء العورة ووجوبه في الثانية اعتبارا بالأصل ، والفرق أن أجزاء العورة لها حكمها من حرمة نظره وإن انفصل من البدن بالكلية ولا كذلك المنفصل من محل الفرض انتهى ا هـ ع ش ( قوله والخنثى الحر إلخ ) فإن اقتصر على ستر ما بين سرته وركبته لم تصح صلاته على الأصح وصحح في التحقيق الصحة واعتمد الرملي الأول أي في النهاية .

                                                                                                                              [ ص: 112 ] وجمع الخطيب بين القولين فحمل الأول على ما إذا دخل في الصلاة مقتصرا على ذلك فإنه لا تصح صلاته حينئذ للشك في الانعقاد والأصل عدمه وحمل الثاني على ما إذا دخل مستورا كالمرأة ثم طرأ كشف شيء مما عدا ما بين السرة والركبة فإنه حينئذ لا يضر للجزم بالانعقاد والشك في البطلان والأصل عدمه واعتمد هذا الجمع سم والزيادي والسيد البصري وشيخنا قول المتن ( في الأصح ) والثاني عورتها كالحرة إلا رأسها أي عورتها ما عدا الوجه والكفين والرأس والثالث عورتها ما لا يبدو منها في حال خدمتها بخلاف ما يبدو كالرأس والرقبة والساعد وطرف الساق مغني قول المتن ( ما سوى الوجه والكفين ) أي حتى شعر رأسها وباطن قدميها ويكفي ستره بالأرض في حال الوقوف فإن ظهر منه شيء عند سجودها أو ظهر عقبها عند ركوعها أو سجودها بطلت صلاتها شيخنا عبارة ع ش ولو كان الثوب ساترا لجميع القدمين وليس مماسا لباطن القدم كفى الستر به لكونه يمنع إدراك باطن القدم فلا تكلف لبس نحو خف خلافا لما توهمه بعض ضعفة الطلبة لكن يجب تحرزها في سجودها عن ارتفاع الثوب عن باطن القدم فإنه مبطل فتنبه له ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إلى الكوعين ) بإدخال الغاية فالأولى إلى الرسغين بصري ( قوله لقوله تعالى إلخ ) الاستدلال به يتوقف على أنه وارد في الصلاة سم ( قوله أي إلا الوجه والكفين ) قاله ابن عباس وعائشة نهاية ومغني ( قوله وإنما حرم نظرهما إلخ ) أي الوجه والكفين من الحرة ولو بلا شهوة قال الزيادي في شرح المحرر بعد كلام وعرف بهذا التقرير أن لها ثلاث عورات عورة في الصلاة وهو ما تقدم وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد وعورة في الخلوة وعند المحارم كعورة الرجل ا هـ . ويزاد رابعة هي عورة المسلمة بالنسبة لنظر الكافرة غير سيدتها ومحرمها وهي ما لا يبدو عند المهنة ويحرم أيضا على المعتمد على المرأة نظر شيء من بدن الأجنبي ولو بغير شهوة ولم تخش فتنة كردي ( قوله في الخلوة كما مر أو عند نحو محرم إلخ ) الأخصر في الخلوة ومثلها عند نحو المحارم ما مر وأدخل بالنحو مثلها والممسوح ومملوكها عبارة بافضل مع شرحه وعورة الحرة عند مثلها ومملوكها العفيف إذا كانت عفيفة أيضا من الزنا وغيره وعند الممسوح للذي لم يبق فيه شيء من الشهوة وعند محارمها الذكور ما بين السرة والركبة فيجوز لمن ذكر النظر من الجانبين لما عدا ما بين السرة والركبة بشرط أمن الفتنة وعدم الشهوة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والخنثى رقا وحرية كالأنثى ) عبارة شيخ الإسلام والنهاية والمغني والخنثى كالأنثى رقا وحرية ا هـ . ( قوله عورة الذكر إلخ ) أي والخنثى الرقيق ( قوله على الضعيف أن عورة الأنثى أوسع إلخ ) تقدم عن المغني آنفا إيضاحه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية