الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويسن ) لغير معذور ( التبكير إليها ) من طلوع الفجر لغير الخطيب لما في الخبر الصحيح أن للجائي بعد اغتساله غسل الجنابة أي كغسلها وقيل حقيقة بأن يكون جامع لأنه يسن ليلة الجمعة أو يومها في الساعة الأولى بدنة والثانية بقرة والثالثة كبشا أقرن والرابعة دجاجة والخامسة عصفورا والسادسة بيضة ، والمراد أن ما بين الفجر وخروج الخطيب ينقسم ستة أجزاء متساوية سواء أطال اليوم أم قصر ويؤيده الخبر الصحيح يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة [ ص: 471 ] ومن جاء أول ساعة أو وسطها أو آخرها يشتركون في أصل البدنة مثلا لكنهم يتفاوتون في كمالها وإنما عبر في الخبر بالرواح الذي هو حقيقة في الخروج بعد الزوال ومن ثم أخذ منه غيرنا أن الساعات من الزوال ؛ لأنه خروج لما يؤتى به بعده على أن الأزهري قال : إنه يستعمل حقيقة أيضا في مطلق السير ، ولو ليلا وبتسليم أن هذا مجاز تتعين إرادته لخبر يوم الجمعة المذكور

                                                                                                                              أما الإمام فيسن له التأخير إلى وقت الخطبة للاتباع ، وقد يجب التبكير كما مر في بعيد الدار ويسن لمطيق المشي أن يأتي إليها ككل عبادة ( ماشيا ) إلا لعذر للخبر الصحيح { من غسل } أي بالتخفيف على الأرجح يوم الجمعة أي رأسه أو زوجته لما مر من ندب الجماع ليلتها أو يومها كذا قالوه وظاهره استواؤهما لكن ظاهر الحديث أنه يومها أفضل ويوجه بأن القصد منه أصالة كف بصره عما لعله يراه فيشتغل قلبه وكلما قرب من خروجه يكون أبلغ في ذلك { واغتسل وبكر } أي بالتشديد على الأشهر أتى بالصلاة أول وقتها وبالتخفيف خرج من بيته باكرا { وابتكر } أي أدرك أول الخطبة أو تأكيد ومشى ولم يركب أي في جميع الطريق { ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة } أي من محل خروجه إلى مصلاه فلا ينقطع الثواب كما قاله بعضهم بوصوله للمسجد بل يستمر فيه أيضا إلى مصلاه ، وكذا في المشي لكل صلاة عمل سنة أجر صيامها وقيامها قيل ليس في السنة في خبر صحيح أكثر من هذا الثواب فليتنبه له ومحله في غير نحو الصلاة بمسجد مكة لما يأتي في الاعتكاف من مضاعفة الصلاة الواحدة فيه إلى ما يفوق هذا بمراتب لا سيما إن انضم إليها نحو جماعة وسواك وغيرهما من مكملاتها وأن يكون طريق ذهابه أطول ؛ لأنه أفضل ويتخير في عوده بين الركوب والمشي كما يأتي في العيد وأن يكون مشبه ( بسكينة ) [ ص: 472 ] للأمر به مع النهي عن السعي أي العدو رواه الشيخان ومن ثم كره وكذا في كل عبادة .

                                                                                                                              والمراد بقوله تعالى { فاسعوا } امضوا أو احضروا كما قرئ به شاذا نعم إن لم يدركها إلا بالسعي ، وقد أطاقه وجب أي ، وإن لم يلق به ويحتمل خلافه أخذا من أن فقد بعض اللباس اللائق به عذر فيها إلا أن يفرق ( وأن يشتغل في طريقه وحضوره ) محل الصلاة ( بقراءة أو ذكر ) وأفضله الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الخطبة وكذا إن لم يسمعها كما مر للأخبار المرغبة في ذلك وإنما تكره القراءة في الطريق إن التهى عنها ( ولا يتخطى ) [ ص: 473 ] رقاب الناس للنهي الصحيح عنه فيكره له ذلك كراهة شديدة بل اختار في الروضة حرمته وعليها كثيرون نعم للإمام التخطي للمنبر أو المحراب إذا لم يجد طريقا سواه وكذا لغيره إذا أذنوا له فيه لا حياء على الأوجه نعم إن كان فيه إيثار بقربة كره لهم أو كانوا نحو عبيده أو أولاده أو كان الجالس [ ص: 474 ] في الطريق أو كان ممن لا تنعقد به الجمعة والجائي ممن تنعقد به فيتخطى ليسمع أو وجد فرجة بين يديه لتقصيرهم لكن يكره أن يزيد على صفين أو اثنين إلا إذا لم يجد غيرها أو لم يرج أنهم يسدونها عند القيام قال جمع ولا يكره لمعظم ألف موضعا وقيده الأذرعي بمن ظهر صلاحه وولايته لتبرك الناس به وقضيتها أن محله في تخطي من يعرفونه وأنه لا فرق حينئذ بين أن يتخطى لموضع ألفه وغيره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : من طلوع الفجر ) فلو جاء قبل الفجر لم يثب على ما قبله ثواب التبكير للجمعة فيما يظهر ، ولو استصحب المبكر معه ولده الصغير المميز ولم يقصد الولد بالمجيء المجيء للجمعة لم يحصل له فضل التبكير فيما يظهر ، ولو بكر أحد مكرها على التبكير لم يحصل له فضل التبكير فيما يظهر فلو زال الإكراه حسب له من حينئذ إن قصد الإقامة لأجل الجمعة فيما يظهر ( قوله : لغير الخطيب ) في شرح الروض قال في الروضة وذكر صاحب العدة والبيان أنه يستحب للخطيب إذا وصل المنبر أن يصلي تحية المسجد ، ثم يصعد وهو غريب مردود قال الإسنوي بل الموجود لأئمة المذهب الاستحباب قال الأذرعي والمختار أنه إذا حضر حال الخطبة لا يعرج على غيرها قال وقد سأل الإسنوي قاضي حماة عن هذه فأجاب بأنه ينبغي أن يقال إذا دخل المسجد للخطبة ، فإن لم يقصد المنبر لعدم تحقق الوقت أو لانتظار ما لا بد منه صلى التحية وإلا فلا يصليها ويكون اشتغاله بالخطبة والصلاة يقوم مقام التحية كما يقوم مقامها طواف القدوم ا هـ باختصار ( قوله : بعد اغتساله ) قضية هذا التقييد الوارد في الحديث توقف [ ص: 471 ] حصول البدنة أو غيرها على كون المجيء مسبوقا بالاغتسال والثواب أمر توقيفي فيتوقف على الوجه الذي ورد عليه ( فرع ) دخل المسجد في الساعة الأولى ، ثم خرج وعاد إليه في الساعة الثانية مثلا فهل له بدنة وبقرة الوجه لا بل خروجه ينافي استحقاق البدنة بكمالها بل ينبغي عدم حصولها لمن خرج بلا عذر ؛ لأن المتبادر أنها لمن دخل واستمر ، ولو حصلا له لزم أن يكون من غاب ، ثم رجع أكمل ممن لم يغب ولا يقوله أحد خصوصا إن طالت غيبته كأن دخل في أول الساعة الأولى وعاد في آخر الثانية .

                                                                                                                              ( قوله : ككل عبادة ) دخل فيها الحج والعمرة [ ص: 472 ] لكن يأتي أن الحج راكبا أفضل ( قوله : إلا بالسعي وقد أطاقه وجب ) وكذا يجب السعي إذا لم يدرك الوقت في غيرها إلا به ، وبقي ما إذا لم يدرك جماعة بقية الصلوات إلا بالسعي وفي شرح الروض في باب الجماعة بعد أن قرر أنه يمشي بسكينة ، وإن خشي فوات تكبيرة الإحرام ما نصه أما لو خاف فوات الجماعة فقضية كلامالرافعي وغيره أنه يسرع وبه صرح الفارقي بحثا وتبعه ابن أبي عصرون والمنقول خلافه فقد صرح به وعدد جماعة إلى أن قال ونقله في المجموع عن الأصحاب نعم لو ضاق الوقت وخشي فواته فليسرع إلخ وذكر في شرح الإرشاد الصغير ما نصه أما عند ضيقه فالأولى الإسراع بل يجب جهده على الأوجه إذا لم يدركها إلا به ، وإن لم يلق به فيما يظهر انتهى وكتب لمن سأله عن هذه العبارة ما نصه قوله : بل يجب جهده إلخ هو المعتمد عندي كجمع ، وإن سلم أن الجمهور على خلافه ؛ لأنه هو اللائق بالاحتياط المبني عليه أمر الجمعة ما أمكن فتأمله وزعم أن الإسراع منهي عنه لا يجدي ؛ لأن محل النهي في غير هذه الحالة انتهى ( قوله : إلا أن يفرق ) قد يفرق بثبوت لائقية السعي شرعا بالنسبة لكل أحد كما في العدو بين الميلين في السعي وكما في الرمل في الطواف وكما في الكر والفر في الجهاد .

                                                                                                                              ( قوله : وأفضله ) أي الذكر وقد جعله مقابلا للقراءة فلا يشملها فلا يفيد أن الصلاة عليه عليه أفضل الصلاة والسلام أفضل من سورة الكهف والوجه أن الاشتغال بسورة الكهف أفضل من الاشتغال بالصلاة عليه عليه أفضل الصلاة والسلام لأن القرآن أفضل من غيره وقد اشتركا في طلب الإكثار منهما في هذا الوقت ( قوله : في المتن ولا يتخطى ) أي ولو من جهة العلو كما هو ظاهر بأن امتدت خشبة فوق رءوسهم بحيث يتأذون بالمرور عليها [ ص: 473 ] لقربها من رءوسهم مثلا انتهى ( قوله : نعم للإمام التخطي ) أي بلا كراهة [ ص: 474 ] قوله : الطريق ) خبر كان ( قوله : لكن يكره أن يزيد على صفين ) لو وجد فرجة يتخطى في وصولها صفا واحدا وأخرى يتخطى في وصولها صفين فالوجه عدم كراهة التخطي للثانية لأن تخطي الصفين مأذون فيه والوصول إليها أكمل ( قوله : وقيده الأذرعي إلخ ) أقول يمكن بقاؤه على ظاهره لأن العظيم ، ولو في الدنيا كالإمام ونوابه يتسامح الناس بتخطيه ولا يتأذون به ( قوله : وقيده الأذرعي بمن ظهر صلاحه إلخ ) لو فرض تأذيهم به احتمل الكراهة أيضا

                                                                                                                              .


                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ويسن لغير معذور ) أي يشق عليه البكور ( التبكير إليها ) أي ليأخذوا مجالسهم وينتظروا الصلاة مغني ونهاية قال ع ش يؤخذ من هذا التعليل أن من هو مجاور بالمسجد أو يأتيه لغير الصلاة كطلب العلم يحسب إتيانه للجمعة من وقت التهيؤ ويؤخذ منه أيضا أن الخطيب لو بكر إلى مسجد غير الذي يخطب فيه لا يحصل له سنة التبكير ؛ لأنه ليس متهيأ للصلاة فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : من طلوع الفجر ) فلو جاء قبل الفجر لم يثب على ما قبله ثواب التبكير للجمعة ، ولو استصحب المبكر معه ولده الصغير المميز ولم يقصد الولد بالمجيء المجيء للجمعة لم يحصل له فضل التبكير ، ولو بكر أحد مكرها على التبكير لم يحصل له فضل التبكير فلو زال الإكراه حسب له من حينئذ أن قصد الإقامة لأجل الجمعة فيما يظهر في كل من الأربع سم

                                                                                                                              وقوله : ولو بكر إلخ نقله ع ش عنه وأقره ( قوله : بعد اغتساله ) قضية هذا التقييد الوارد في الحديث توقف حصول البدنة أو غيرها على كون المجيء مسبوقا بالاغتسال والثواب أمر توقيفي فيتوقف على الوجه الذي ورد عليه سم على حج . ا هـ . ع ش ورشيدي لكن في البجيرمي عن ع ش أن الغسل ليس بقيد بل لبيان الأكمل فمثله إذا راح من غير غسل ا هـ فليراجع ( قوله : في الساعة الأولى بدنة إلخ ) وظاهر أن من جاء في الساعة الأولى ناويا التبكير ، ثم عرض له عذر فخرج على نية العود لا تفوته فضيلة التبكير نهاية قال ع ش قوله : م ر لا تفوته إلخ قد يفهم منه أنه لو رجع إلى المسجد في ساعة أخرى لا يشارك أهلها في الفضيلة ويحتمل أن يشاركهم ويكون المعنى أنه إذا خرج في الساعة الأولى لعذر لا يفوت ما استقر له من البدنة مثلا بمجيئه ؛ لأنه أعطيها في مقابلة المشقة التي حصلت له أولا وإذا جاء في الساعة الثانية فقد حصلت له مشقة أخرى بسبب المجيء فيكتب له ثوابها وفي سم على حج

                                                                                                                              ( فرع ) دخل المسجد في الساعة الأولى ، ثم خرج وعاد إليه في الساعة الثانية مثلا فهل له بدنة وبقرة الوجه لا بل خروجه ينافي استحقاق البدنة بكمالها بل ينبغي عدم حصولها لمن خرج بلا عذر ؛ لأن المتبادر أنها لمن دخل واستمر . ا هـ . وبما قدمناه في قولنا ويحتمل أن يشاركهم إلخ يعلم الجواب عن قوله الوجه لا ع ش أقول ما ذكره من الاحتمال بعيد وإنما الأقرب ما أفاده كلام سم من استحقاق حصة من البدنة وتمام البقرة ، ثم ما أفهمه كلام النهاية من استحقاق تمام البدنة فقط ( قوله : دجاجة ) بتثليث الدال والفتح أفصح كردي على بافضل ( قوله : والسادسة بيضة ) { فإذا خرج الإمام أي للخطبة [ ص: 471 ] حضرت الملائكة يستمعون الذكر أي طووا الصحف فلم يكتبوا أحدا } نهاية ومغني ( قوله : ومن جاء إلخ ) وانظر هل المراد بالمجيء الخروج من المنزل إلى المسجد أو الدخول فيه والأقرب الثاني ونقل في الدرس عن الزيادي ما يوافقه .

                                                                                                                              نعم المشي له ثواب آخر زائد على ثواب دخوله في المسجد قبل غيره ع ش ( قوله : الذي هو حقيقة في الخروج إلخ ) المشهور أنه اسم للرجوع بعد الزوال ومنه قوله : صلى الله عليه وسلم { تغدو خماصا وتروح بطانا } وعليه فالفقهاء ارتكبوا فيه مجازين حيث استعملوه في الذهاب وفيما قبل الزوال رشيدي ( قوله : أن هذا مجاز ) أي الخروج بعد الفجر معنى مجازي للرواح ( قوله : أما الإمام إلخ ) أي فلو بكر لا يحصل له ثواب التبكير وحكمته أن التأخير أهيب له وأعظم في النفوس وتأخيره لكونه مأمورا به يجوز أن يثاب عليه ثوابا يساوي ثواب المبكرين أو يزيد ع ش ( قوله : فيسن له التأخير إلخ ) ويلحق بالإمام من به سلس بول ونحوه فلا يندب له التبكير وإطلاقه يقتضي استحباب التبكير للعجوز إن استحسنا حضورها وكذلك الخنثى الذي هو في معنى العجوز وهو متجه نهاية قالع ش قوله : م ر فلا يندب له التبكير ظاهره ، وإن أمن تلويث المسجد ويوجه بأن السلس من حيث هو مظنة لخروج شيء منه ، ولو على القطنة والعصابة وقوله : إن استحسنا إلخ أي بأن لم تكن متزينة ولا متعطرة ع ش ( قوله : وقد يجب التبكير إلخ ) أي قبل الزوال بمقدار يتوقف فعل الجمعة عليه نهاية ( قوله : ككل عبادة ) دخل فيها الحج والعمرة لكن يأتي أن الحج راكبا أفضل سم ( قوله : إلا لعذر ) عبارة المغني إن قدر ولم يشق عليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أي بالتخفيف ) الأولى هو بالتخفيف ( قوله : أي رأسه إلخ ) عبارة النهاية والمغني وتخفيف غسل أرجح من تشديدها ومعناهما غسل إما حليلته بأن جامعها فالجأها إلى الغسل إذ يسن له الجماع في هذا اليوم ليأمن إلخ أو أعضاء وضوئه بأن توضأ ، ثم اغتسل للجمعة أو ثيابه ورأسه ، ثم اغتسل وإنما أفرد الرأس بالذكر ؛ لأنهم كانوا يجعلون فيه نحو دهن وخطمي وكانوا يغسلونه أولا ، ثم يغتسلون واختير الأخير . ا هـ . أي قوله : أو ثيابه ورأسه ع ش ( قوله : أي ) الأولى حذفه من هنا وذكره قبيل أتى إلخ وقبيل خرج إلخ ( قوله : أو تأكيد ) عبارة النهاية والمغني وقيل هما بمعنى واحد جمع بينهما تأكيدا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أجر صيامها وقيامها ) أي من فعل نفسه لو فعل ع ش ( قوله : وأن يكون طريق ) إلى قوله وكذا إن لم يسمعها في النهاية إلا قوله : أو احضروا وقوله : إلا أن يفرق وكذا في المغني إلا قوله : أي ، وإن لم يلق إلى المتن ( قوله : وأن يكون طريق ذهابه أطول ) أي من طريق رجوعه إن أمن الفوت نهاية ومغني ( قوله : ويتخير في عوده إلخ ) ينبغي أن محله إذا لم يكن العود قربة أيضا كما إذا قصد به إيناس أهله والقيام بمهم شرعي يتعلق بهم أو بغيرهم أو صيانة جوارحه وقواه من المخالفة المتوقعة عند مفارقة المنزل وعليه يحمل ما ورد في الحديث الذي اعترض به ابن الصلاح على الأصحاب في تقييدهم المشي بالذهاب وهو خبر مسلم أنهم قالوا لرجل إلخ كما ذكره في النهاية بصري ( قوله : وأن يكون مشيه بسكينة ) أي إن لم يضق الوقت وكما يستحب عدم الركوب هنا إلا لعذر يستحب أيضا في العيد والجنازة وعيادة المريض ومن ركب لعذر أو غيره سير دابته بسكون كالماشي ما لم يضق الوقت مغني زاد النهاية ويشبه أن يكون الركوب أفضل لمن يجهده المشي لهرم أو ضعف أو بعد منزل بحيث يمنعه ما يناله من التعب الخشوع والحضور في الصلاة عاجلا . ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله : م ر وعيادة المريض أي بل [ ص: 472 ] في سائر العبادات لمطيق المشي كما قاله حج وقوله : م ر بسكون كالماشي أي فلو لم يمكن تسييرها بسكون لصعوبتها واعتيادها العدو وركب غيرها إن تيسر له ذلك لتحصيل تلك السنة ع ش ( قوله : للأمر به ) أي بالإتيان بسكينة ( قوله : رواه ) أي ما ذكر من الأمر والنهي ( قوله : ومن ثم ) أي لأجل النهي عن السعي و ( قوله : كره ) أي العدو إلى الجمعة ( قوله : كما قرئ به إلخ ) المتبادر رجوع الضمير بالحضور لكن قضية اقتصار النهاية وشرح المنهج على امضوا أنه المقروء شاذا ( قوله : وجب ) وكذا يجب السعي إذا لم يدرك الوقت في غيرها إلا به بخلاف ما إذا خشي فوات تكبيرة الإحرام فيمشي بسكينة بخلاف ما إذا لم يدرك جماعة بقية الصلوات إلا بالسعي فلا يسرع كما نقله المجموع وغيره عن الأصحاب ، وإن اقتضى كلام الرافعي وغيره أنه يسرع وصرح به الفارقي بحثا وتبعه ابن أبي عصرون شرح الروض . ا هـ . سم ( قوله : وإن لم يلق به ) وفاقا للنهاية وفتح الجواد وفي ع ش على المنهج هو المعتمد . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فيها ) أي في الجمعة ( قوله : إلا أن يفرق ) قد يفرق بثبوت لائقية السعي شرعا بالنسبة لكل أحد كما في العدو بين الميلين في السعي وكما في الرمل في الطواف وكما في الكر والفر في الجهاد سم ( قوله : محل الصلاة ) أي ، ولو لم يكن مسجدا ع ش ( قوله : وأفضله ) أي الذكر وقد جعله مقابلا للقراءة فلا يشملها فلا يفيد أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من سورة الكهف والوجه أن الاشتغال بسورة الكهف أفضل من الاشتغال بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ؛ لأن القرآن أفضل من غيره وقد اشتركا في طلب الإكثار منهما في هذا الوقت سم ( قوله : قبل الخطبة ) متعلق بيشتغل في حضوره ( قوله : وكذا إن لم يسمعها إلخ ) أي وكذا يسن أن يشتغل بذلك في حالة الخطبة إن لم يسمعها لنحو بعد ( قوله : كما مر ) أي في شرح ويسن الإنصات ( قوله : للإخبار إلخ ) راجع لما في المتن و ( قوله : في ذلك ) أي لاشتغال بما ذكر ( قوله : وإنما يكره ) إلى قوله وقضيتها في المغني وكذا في النهاية إلا قوله : لم يجد غيرها وقوله : وكذا إلى أو كان الجالس ( قوله : وإنما يكره القراءة في الطريق إلخ ) ومثل ذلك القراءة في القهاوي والأسواق ع ش

                                                                                                                              ( قوله : إن النهي إلخ ) أي صاحبها نهاية قول المتن ( ولا يتخطى ) ويكره التخطي أيضا في غير مواضع الصلاة من المتحدثات أي المباحة ونحوها واقتصارهم على مواضعها جري على الغالب نهاية قال ع ش ومن التخطي المكروه بالأولى ما جرت به العادة من التخطي لتفرقة الأجزاء أو بتخير المسجد أو سقي الماء أو السؤال لمن يقرأ في المسجد ما لم يرغب الحاضرون الذين يتخطاهم في ذلك وإلا فلا كراهة أخذا مما يأتي في مسألة تخطي المعظم في النفوس ، ثم الكراهة في مسألة السؤال من حيث التخطي أما السؤال بمجرده فينبغي أن [ ص: 473 ] لا كراهة فيه بل هو سعي في الخير وإعانة عليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : رقاب الناس ) يؤخذ من التعبير بالرقاب أن المراد بالتخطي أن يرفع رجله بحيث تحاذي في تخطيه أعلى منكب الجالس وعليه فما يقع من المرور بين الناس ليصل إلى نحو الصف الأول ليس من التخطي بل من خرق الصفوف إن لم يكن ثم فرج في الصفوف يمشي فيها ع ش لكن قضية { اجلس فقد آذيت } في حديث النهي أن المدار على الإيذاء ، ولو بدق جنب الحاضر ونحوه ويأتي عن سم ما يصرح به ( قوله : فيكره له إلخ ) ويحرم أن يقيم أحدا ليجلس مكانه ولكن يقول تفسحوا أو توسعوا للأمر به ، فإن قام الجالس باختياره وأجلس غيره فلا كراهة في جلوس في غيره وأما هو ، فإن انتقل إلى مكان أقرب إلى الإمام لم يكره وإلا كره إن لم يكن عذر ؛ لأن الإيثار بالقرب مكروه بخلافه في حظوظ النفس فإنه مطلوب لقوله تعالى { ويؤثرون على أنفسهم } مغني زاد النهاية وفي الإمداد مثله ، ولو آثر شخص أحق بذلك المحل منه لكونه قارئا أو عالما يلي الإمام ليعلمه أو يرد عليه إذا غلط فهل يكره أيضا أو لا لكونه لمصلحة عامة الأوجه الثاني ا هـ

                                                                                                                              قال ع ش قوله : م ر ويحرم أن يقيم إلخ أي حيث كانوا كلهم ينتظرون الصلاة كما هو الفرض أما ما جرت العادة به من إقامة الجالسين في موضع الصف من المصلين جماعة إذا حضرت جماعة بعدهم وأرادوا فعلها فالظاهر أنه لا كراهة ولا حرمة لأن الجالس ، ثم مقصر باستمرار الجلوس المؤدي لتفويت الفضيلة على غيره . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ذلك ) أي التخطي ، ولو من جهة العلو كما هو الظاهر بأن امتدت خشبة فوق رءوسهم بحيث يتأذون بالمرور عليها لقربها من رءوسهم مثلا سم ( قوله : كراهة شديدة ) عبارة النهاية كراهة تنزيه كما في المجموع ، وإن نقل عن النص حرمته واختاره في الروضة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : نعم للإمام التخطي إلخ ) أي فلا يكره له لاضطراره إليه نهاية ومغني ( قوله : إذا أذنوا له فيه إلخ ) عبارة المغني إذا أذن له القوم في التخطي ولا يكره لهم الإذن والرضا بإدخالهم الضرر على أنفسهم لكن يكره لهم من جهة أخرى وهو أن الإيثار بالقرب مكروه كما قاله ابن العماد . ا هـ . وفي البصري ما نصه هل العلم برضاهم كإذنهم فيما ذكر الأقرب نعم ا هـ أي أخذا من مسألة التخطي للمعظم ( قوله : نعم إن كان فيه إيثار إلخ ) لعل بترك الفرجة بين يديه له ( قوله : أو كانوا نحو عبيده إلخ ) أي كتلميذه قال المغني ولهذا يجوز أن يبعث عبده أي مثلا ليأخذ له موضعا في الصف الأول فإذا حضر السيد تأخر العبد قاله ابن العماد ويجوز أن يبعث من يقعد له في مكان ليقوم عنه إذا جاء هو ، ولو فرش لأحد ثوب أو نحوه فلغيره تنحيته والصلاة مكانه حيث لم يكن به أحد لا الجلوس عليه بغير رضا صاحبه ولا يرفعه بيده أو غيرها لئلا يدخل في ضمانه . ا هـ .

                                                                                                                              زاد النهاية نعم ما جرت العادة به من فرش السجادات بالروضة الشريفة ونحوها من الفجر أو طلوع الشمس قبل حضور أصحابها مع تأخرهم إلى الخطبة وما يقاربها لا بعد في كراهتها بل قد يقال بتحريمه لما فيه من تحجير المسجد من غير فائدة عند غلبة الظن بحصول ضرر لمن نحاها وجلس مكانها . ا هـ . قال ع ش قوله : م ر ويجوز أن يبعث إلخ أي فهو مباح وليس مكروها ولا خلاف الأولى بل لو قيل بندبه لكونه وسيلة إلى القرب من الإمام مثلا لم يبعد وقوله : م ر من يقعد له في مكان إلخ ظاهره ، وإن لم يرد المبعوث حضور الجمعة بل كان عزمه إذا حضر من بعثه انصرف هو من المسجد وهو ظاهر وقوله : م ر بل قد يقال بتحريمه معتمد ع ش وفي الكردي على بافضل من فتح الجواد في إحياء الموات ما نصه والسابق إلى محل من المسجد أو غيره لصلاة أو استماع حديث أو وعظ أي أو نحوهما أحق به فيها وفيما بعدها حتى يفارقه ، وإن كان خلف الإمام وليس فيه أهلية الاستخلاف ، فإن فارقه لغير عذر أو لعذر لا ليعود بطل حقه ، فإن فارقه لعذر بنية العود إليه كقضاء حاجة وتجديد وضوء وإجابة داع كان أحق به ، وإن اتسع الوقت ولم يترك نحو إزاره حتى يقضي صلاته أو مجلسه الذي يستمع فيه .

                                                                                                                              نعم إن أقيمت واتصلت الصفوف فالوجه سد الصوف مكانه ولا عبرة بفرش سجادة له قبل حضوره فلغيره تنحيتها بما لا تدخل في ضمانه بأن لم تنفصل على بعض أجزائه ويتجه في فرشها خلف المقام بمكة وفي الروضة المكرمة حرمته إذ الناس يهابون تنحيتها ، وإن جازت وفي الجلوس خلف المقام لغير دعاء مطلوب وفي صلاة أكثر من سنة الطواف حرمتهما أيضا إن كان وقت احتياج [ ص: 474 ] الناس للصلاة ، ثم . ا هـ . ( قوله : في الطريق ) خبر كان سم ( قوله : أو كان ممن لا تنعقد به الجمعة إلخ ) عبارة النهاية والمغني وشيخنا أو سبق العبيد والصبيان أو غير المستوطنين إلى الجامع فإنه يجب على الكاملين إذا حضروا التخطي لسماع الأركان إذا توقف سماع ذلك عليه . ا هـ . قال ع ش بل تجب إقامتهم من مجالسهم إذا توقف ذلك عليه وبه يقيد قولهم إذا سبق الصبي إلى الصف لا يقام منه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو وجد فرجة إلخ ) عبارة النهاية والمغني أو وجد في الصفوف التي بين يديه فرجة لم يبلغها إلا بتخطي رجل أو رجلين فلا يكره له ، وإن وجد غيرها لتقصير القوم بإخلاء فرجة لكن يسن له عدم التخطي إذا وجد غيرها ، فإن زاد التخطي عليهما أي الرجلين ، ولو من صف واحد ورجا أن يتقدموا إلى الفرجة إذا أقيمت الصلاة كره لكثرة الأذى . ا هـ . أي ورجاء سدها قال الرشيدي قوله : م ر ، ولو من صف واحد انظر ما صورة الزيادة في الصف الواحد وقوله : م ر ورجاء أن يتقدموا إلخ قضيته أنه إذا لم يرج ذلك فلا كراهة فتنبه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لكن يكره أن يريد إلخ ) ، ولو وجد فرجة يتخطى في وصولها صفا واحدا وأخرى يتخطى في وصولها صفين فالوجه عدم كراهة التخطي للثانية لأن تخطي الصفين مأذون فيه والوصول إليها أكمل سم ويأتي عن الإيعاب ما قد يخالفه ( قوله : على صفين إلخ ) التقييد بصف أو صفين عبر به الشافعي وعبر كثيرون منهم النووي في مجموعه برجل أو رجلين فالمراد كما في التوشيح وغيره اثنان مطلقا فقد يحصل تخطيهما من صف واحد لازدحام وزعم أن العبارتين سواء وأنه لا بد من تخطي صفين ممنوع بل الوجه ما تقرر ، ولو تعارض تخطي واحد واثنين فالواحد كما هو ظاهر ؛ لأن الأذى فيه أخف منه فيهما ، ثم إن علم منهما من المسامحة ما لم يعلمه منه آثرهما فيما يظهر إيعاب . ا هـ . كردي على بافضل ( قوله : أو لم يرج أنهم إلخ ) ، فإن لم يرج ذلك فلا كراهة ، وإن كثرت الصفوف وكذلك إذا قامت الصلاة ولم يسدوها فيخرقها ، وإن كثرت كردي على بافضل ( قوله : ألف موضعا ) أي أو لم يألف ع ش ( قوله : وقيده الأذرعي إلخ ) أقره النهاية واعتمده المغني ، وقال سم ومال إليه شيخنا ما نصه أقول يمكن بقاؤه على ظاهره ؛ لأن العظيم ، ولو في الدنيا كالإمام ونوابه يتسامح الناس بتخطيه ولا يتأذون به . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بمن ظهر صلاحه إلخ ) ، ولو فرض تأذيهم به احتمل الكراهة أيضا سم أي كما هو الظاهر من التعليل ( قوله : وقضيتها ) أي العلة ( أن محله ) أي عدم الكراهة و ( قوله : في تخطي إلخ ) خبر أن ( قوله : وأنه لا فرق إلخ ) اعتمده ع ش والبجيرمي




                                                                                                                              الخدمات العلمية