الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
أحكام نفيسة

[فصل]

في أحكام نفيسة تتعلق بالقراءة في الصلاة

أبالغ في اختصارها؛ فإنها مشهورة في كتب الفقه.

[ ص: 127 ] ومنها أنه تجب القراءة في الصلاة المفروضة بإجماع العلماء، ثم قال مالك والشافعي وأحمد وجماهير العلماء: تتعين قراءة الفاتحة في كل ركعة.

وقال أبو حنيفة وجماعة: لا تتعين الفاتحة أبدا.

قال: ولا تجب قراءة الفاتحة في الركعتين الأخيرتين ، والصواب الأول؛ فقد تظاهرت عليها الأدلة من السنة، ويكفي من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: ولا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن .

وأجمعوا على استحباب قراءة السورة بعد الفاتحة في ركعتي الصبح، والأوليين من باقي الصلوات، واختلفوا في استحبابها في الثالثة والرابعة، وللشافعي فيها قولان: الجديد أنها لا تستحب، والقديم أنها تستحب.

قال أصحابنا: وإذا قلنا: إنها تستحب فلا خلاف أنه يستحب أن يكون أقل من القراءة في الأوليين.

قالوا: وتكون القراءة في الثالثة والرابعة منه سواء.

وهل تطول الأولى على الثانية؟

فيها وجهان:

أصحهما عند جمهور أصحابنا أنها لا تطول [ ص: 128 ] والثاني وهو الصحيح عند المحققين أنها تطول، وهو المختار؛ للحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يطول في الأولى ما لا يطول في الثانية .

وفائدته أن يدرك المتأخر الركعة الأولى، والله أعلم.

قال الشافعي - رحمه الله -: وإذا أدرك المسبوق مع الإمام الركعتين الأخيرتين من الظهر وغيرها ، ثم قام إلى الإتيان بما بقي عليه - استحب أن يقرأ السورة. قال الجماهير من أصحابنا: هذا على القولين.

وقال بعضهم: هذا على قوله: يقرأ السورة في الأخيرتين، أما على الآخر فلا.

والصواب الأول؛ لئلا تخلو صلاته من سورة، والله أعلم.

هذا حكم الإمام والمنفرد، أما المأموم فإن كانت صلاته سرية وجبت عليه الفاتحة ، واستحب له السورة، وإن كانت جهرية فإن كان يسمع قراءة الإمام كره له قراءة السورة، وفي وجوب الفاتحة قولان:

1 - أصحهما تجب.

2 - والثاني لا تجب.

[ ص: 129 ] وإن كان لا يسمع القراءة فالصحيح وجوب الفاتحة واستحباب السورة، وقيل: تجب ولا تستحب السورة، والله أعلم.

وتجب قراءة الفاتحة في الركعة الأولى من صلاة الجنازة ، وأما قراءة الفاتحة في صلاة النافلة فلا بد منها .

واختلف أصحابنا في تسميتها فيها، فقال القفال : تسمى واجبة.

وقال صاحبه القاضي حسين : تسمى شرطا.

وقال غيرهما: تسمى ركنا، وهو الأظهر، والله أعلم.

والعاجز عن الفاتحة في هذا كله يأتي ببدلها ، فيقرأ بقدرها من غيرها من القرآن، فإن لم يحسن أتى بقدرها من الأذكار كالتسبيح والتهليل ونحوهما، فإن لم يحسن شيئا وقف بقدر القراءة، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية