الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا يجوز المسح على الجوربين عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يكونا مجلدين أو منعلين ، [ ص: 157 ] وقالا : يجوز إذا كانا ثخينين لا يشفان ) لما روي أن { النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه } ، ولأنه يمكنه المشي فيه إذا كان ثخينا ، وهو أن يستمسك على الساق من غير أن يربط بشيء فأشبه الخف . وله أنه ليس في معنى الخف لأنه لا يمكن مواظبة المشي فيه إلا إذا كان منعلا وهو محمل الحديث ، وعنه أنه رجع إلى قولهما وعليه الفتوى ( ولا يجوز المسح على العمامة والقلنسوة والبرقع والقفازين ) لأنه لا حرج في نزع هذه الأشياء والرخصة لدفع الحرج .

التالي السابق


( قوله ولا يجوز المسح ) [ ص: 157 ] ولا يعارض بالحديث فإنه حكاية حال لا تعم فيحمل على الموق الصالح بدلا عن الرجل لكونه كالخف في المقصود منه ( قوله وله أنه ليس في معنى الخف ) لا شك أن المسح على الخف على خلاف القياس فلا يصلح إلحاق غيره به إلا إذا كان بطريق الدلالة وهو أن يكون في معناه ، ومعناه الساتر لمحل الفرض الذي هو بصدد متابعة المشي فيه في السفر وغيره للقطع بأن تعليق المسح بالخف ليس لصورته الخاصة بل لمعناه للزوم الحرج في النزع المتكرر في أوقات الصلاة خصوصا مع آداب السير ، فإذا جاز بالاتفاق المسح على المكعب الساتر للكعب ، وفي الاختيار : وكذا إذا كانت مقدمته مشقوقة إذا كانت مشدودة أو مزرورة لأنها كالمخروزة ، فوقع عنده أن هذا المعنى لا يتحقق إلا في المنعل من الجورب فليكن محمل الحديث لأنها واقعة حال لا عموم لها ، هذا إن صح كما قال الترمذي [ ص: 158 ] في حديث المغيرة { أنه عليه الصلاة والسلام توضأ ومسح على الجوربين والنعلين } وإلا فقد نقل تضعيفه عن الإمام أحمد وابن مهدي ومسلم . قال النووي : كل منهم لو انفرد قدم على الترمذي مع أن الجرح مقدم على التعديل ووقع عندهما أنه يمكن تحقيق ذلك المعنى فيه بلا نعل مع أن فرض المسألة أن يتحقق كذلك ، فتخصيص الجواز بوجود النعل حينئذ قصر للدليل ، أعني الحديث ، والدلالة على مقتضاه بغير سبب فلذا رجع الإمام إلى قولهما وعليه الفتوى .




الخدمات العلمية