الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ويسن أن لا يصل صلاة الجمعة بصلاة أخرى ولو سنتها بل يفصل بينهما بنحو تحوله أو كلام لخبر فيه رواه مسلم .

                                                                                                                            ويكره تشبيك الأصابع والعبث حال الذهاب لصلاة وإن لم تكن جمعة وانتظارها ولا يعارضه تشبيكه صلى الله عليه وسلم بعد ما سلم من ركعتين في قصة ذي اليدين لأنه كان بعد الصلاة في اعتقاده ، [ ص: 343 ] ومن جلس بطريق أو بمحل الإمام أمر بالقيام وكذا من استقبل وجوه الناس والمكان ضيق ( والصلاة ) أي ويكثر من الصلاة والسلام ( على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) في يومها وليلتها الخبر { إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا من الصلاة علي فيه فإن صلاتكم معروضة علي } رواه أبو داود ، وخبر { أكثروا من الصلاة علي في ليلة الجمعة ويوم الجمعة ، فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا } وتنصيص المصنف على الصلاة ليس [ ص: 344 ] يقيد بل يجري طلب الإكثار في الذكر والتلاوة أيضا نعم يؤخذ من الخبر أن الإكثار منها أفضل منه بذكر أو قرآن .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله وانتظارها ) أي حيث جلس ينتظر الصلاة ، أما إذا جلس في المسجد لا للصلاة بل لغيرها كحضور درس أو كتابة فلا يكره ذلك [ ص: 343 ] في حقه لأنه لم يصدق عليه أنه ينتظر الصلاة ، وأما إذا انتظرهما معا فينبغي الكراهة لأنه يصدق عليه أنه ينتظر الصلاة ( قوله : أمر بالقيام ) أي ندبا ( قوله : والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) لم يتعرض كحج لصيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وينبغي أن تحصل بأي صيغة كانت ، ومعلوم أن أفضل الصيغ الصيغة الإبراهيمية . ثم رأيت في فتاوى حج الحديثية ما نصه نقلا من ابن الهمام أن أفضل الصيغ من الكيفيات الواردة في الصلاة عليه : اللهم صل أبدا أفضل صلواتك على سيدنا عبدك ونبيك ورسولك محمد وآله وسلم عليه تسليما كثيرا ، وزده تشريفا وتكريما ، وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة ا هـ . وأقله ثلثمائة بالليل ومثله بالنهار . ثم رأيت في السخاوي في القول البديع في الفوائد التي ختم بها الباب الرابع ما نصه : قوله وأكثروا من الصلاة علي قال أبو طالب المكي صاحب القوت : أقل ذلك ثلثمائة . قلت : ولم أقف على مستنده في ذلك ، ويمكن أن يكون تلقى ذلك عن أحد من الصالحين ، إما بالتجارب أو بغيره ، أو يكون ممن يرى أن الكثرة أقل ما تحصل بثلثمائة كما حكوا في المتواتر قولا أن أقل ما يحصل بثلثمائة وبضعة عشر ويكون هنا قد ألغى الكسر الزائد على المئين والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                            [ فائدة ] قال المناوي في شرح الجامع الصغير في أول الجزء الثالث بعد قوله صلى الله عليه وسلم { إن الأعمال ترفع يوم الاثنين والخميس فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم } ما نصه : أخذ منه القسطلاني تبعا لشيخه البرهان بن أبي شريف مشروعية الاجتماع للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الجمعة والاثنين كما يفعل في الجامع الأزهر ، ورفع الصوت بذلك لأن الليلة ملحقة باليوم لأن اللام في الأعمال للجنس فيشمل الذكر والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء لا سيما في ليلة الاثنين فإنها مؤكدة ، وقد قال ابن مرزوق إنها أفضل من ليلة القدر ا هـ . وأقول : لا يخفى ما في الأخذ المذكور من البعد والتعسف ا هـ . والأقرب ما قاله القسطلاني ( قوله : أي ويكثر من الصلاة ) قد يشير هذا إلى أنه في المتن منصوب بنزع الخافض كما عبر به في الحديث وفي المختار واستكثر من الشيء أكثر منه ا هـ ( قوله : فإن صلاتكم معروضة علي ) أي تعرضها الملائكة ، فما اشتهر أنه يسمع في ليلة الجمعة ويومها بلا واسطة لا أصل له . نعم تبلغه بلا واسطة ممن صلى عند قبره صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                            وعبارة الشارح في باب الحج بعد قول المصنف : ويسن زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم لخبر { من زار قبري وجبت له شفاعتي } ثم قال : وخبر { من صلى علي عند قبري وكل الله به ملكا يبلغني وكفي أمر دنياه وآخرته وكنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة } ا هـ . وبهامشه ثم ما نصه أقول قضية قوله يبلغني أنه لا يسمعه بلا واسطة الملك . وقد تقدم بالهامش في باب صلاة الجمعة أنه يسمع الصلاة عليه عند القبر بلا واسطة ، فيمكن حمل ما هنا على أنه يبلغ ذلك مع السماع . ثم رأيت في ابن حجر في كتابه المسمى بالدر المنظم في زيارة القبر المعظم ما نصه تنبيه : يجمع بين هذه الأحاديث الظاهرة التعارض ببادي الرأي وأحاديث أخر وردت بمعناها أو قريب منه بأنه صلى الله عليه وسلم [ ص: 344 ] يبلغ الصلاة والسلام إذا صدرا من بعد ويسمعهما إذا كانا عند قبره الشريف بلا واسطة وإن ورد أنه يبلغهما هنا أيضا كما مر ، إذ لا مانع أن من عند قبره يخص بأن الملك يبلغ صلاته وسلامه مع سماعه لهما إشعارا بمزيد خصوصيته والاعتناء بشأنه والاستمداد له بذلك سواء في ذلك كله ليلة الجمعة وغيرها ، إذ المقيد يقضي به على المطلق والجمع بين الأدلة التي ظاهرها التعارض واجب حيث أمكن . وأفتى النووي فيمن حلف بالطلاق الثلاث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع الصلاة عليه هل يحنث بأنه لا يحكم عليه بالحنث للشك في ذلك . والورع أنه يلتزم الحنث ا هـ . وهو صريح فيما ذكرناه ( قوله : أن الإكثار منها ) أي بل الاشتغال بها في ليلة الجمعة ويومها أفضل من الاشتغال بغيرها مما لم يرد فيه نص بخصوصه . أما ما ورد فيه ذلك كقراءة الكهف والتسبيح عقب الصلوات ، فالاشتغال به أفضل .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 343 ] ( قوله : والمكان ضيق ) لعل المراد المكان الذي بينه وبين المصلين بأن يكون قريبا منهم




                                                                                                                            الخدمات العلمية