الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                618 ص: فأخبر ابن عمر -رضي الله . عنهما- أن النبي -عليه السلام- قد كان في وقت ما كان يمسح على نعليه ويمسح على قدميه، فقد يحتمل عندنا أن يكون ما مسح على قدميه هو الفرض، وما مسح على نعليه كان فضلا؛ فحديث أبي أوس ، يحتمل ما ذكر فيه عن النبي -عليه السلام- من مسحه على نعليه، أن يكون كما قال أبو موسى ، والمغيرة، ، أو كما قال ابن عمر، . فإن كان كما قال أبو موسى 5 والمغيرة ، فإنا نقول بذلك؛ لأنا لا نرى بأسا بالمسح على الجوربين إذا كانا صفيقين، قد قال ذلك أبو يوسف ، ومحمد. .

                                                وأما أبو حنيفة فإنه كان لا يرى ذلك حتى يكونا صفيقين ويكونا مجلدين، فيكونان كالخفين.

                                                وإن كان كما قال ابن عمر ، فإن في ذلك إثبات المسح على القدمين، فقد بينا ذلك، وما عارضه وما نسخه، في باب فرض القدمين.

                                                فعلى أي المعنيين كان وجه حديث أوس بن أبي أوس: ، من معنى حديث أبي موسى ، والمغيرة، ، ومن معنى حديث ابن عمر، ، فليس في ذلك ما يدل على جواز المسح على النعلين، فلما احتمل حديث أوس ) ما ذكرنا ولم يكن فيه حجة في جواز المسح على النعلين؛ التمسنا ذلك من طريق النظر لنعلم كيف حكمه، فرأينا الخفين اللذين جوز المسح عليهما إذا تخرقا حتى بدت القدمان منهما، أو أكثر القدمين، فكل قد أجمع أنه لا يمسح عليهما، فلما كان المسح على الخفين إنما يجوز إذا غيبا القدمين، ويبطل إذا لم

                                                [ ص: 304 ] يغيبا القدمين، وكانت النعلان غير مغيبتين للقدمين، ثبت أنهما كالخفين اللذين لا يغيبان القدمين.

                                                التالي السابق


                                                ش: ملخص هذا أن حديث ابن عمر يخبر أنه -عليه السلام- حين كان يمسح على نعليه يمسح على قدميه، فيحتمل أن يكون مسحه على قدميه فرضا، وعلى نعليه إصابة الفضيلة، وحديث أوس، إن كان معناه كمعنى حديث ابن عمر هذا، فإن فيه إثبات المسح على القدمين، ولكن قد ثبت ما عارضه وما نسخه في باب فرض القدمين.

                                                وإن كان معناه كمعنى حديث أبي موسى والمغيرة، فإنا نقول بذلك؛ لأنا نجوز المسح على الخفين إذا كانا ثخينين لا يشفان، وأيا ما كان، فلا يبقى في حديث أوس ما يدل على جواز المسح على النعلين، فلا يبقى حجة لمن يرى [ذلك].

                                                قوله: "وأما أبو حنيفة ... " إلى آخره قد ذكرنا التحقيق فيه عن قريب..

                                                قوله: "إذا غييا" على صيغة المعلوم أي إذا غيب الخفان القدمين بأن [ستراهما].

                                                قوله: "غير مغيبتين" على صيغة الفاعل، تثنية مغيبة، فافهم.




                                                الخدمات العلمية