الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ( 38 ) فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ( 39 ) ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ( 40 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      قوله - عز وجل - : ( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ) إعياء وتعب .

                                                                                                                                                                                                                                      نزلت في اليهود حيث قالوا : يا محمد أخبرنا بما خلق الله من الخلق في هذه الأيام الستة ؟ فقال : " خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، والجبال يوم الثلاثاء ، والمدائن والأنهار والأقوات يوم الأربعاء ، والسماوات والملائكة يوم الخميس إلى ثلاث ساعات من يوم الجمعة ، وخلق في أول الثلاث الساعات الآجال ، وفي الثانية الآفة ، وفي الثالثة آدم " ، قالوا : صدقت إن أتممت ، قال : وما ذاك ؟ قالوا : ثم استراح يوم السبت ، واستلقى على العرش ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ردا عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      ( فاصبر على ما يقولون ) من كذبهم فإن الله لهم بالمرصاد ، وهذا قبل الأمر بقتالهم ( وسبح بحمد ربك ) أي : صل حمدا لله ( قبل طلوع الشمس ) يعني : صلاة الصبح ( وقبل الغروب ) يعني : صلاة العصر . وروي عن ابن عباس قال : " قبل الغروب " الظهر والعصر .

                                                                                                                                                                                                                                      ( ومن الليل فسبحه ) يعني : صلاة المغرب والعشاء . وقال مجاهد : " ومن الليل " أي : صلاة الليل أي وقت صلى . ( وأدبار السجود ) قرأ أهل الحجاز وحمزة " وإدبار السجود " بكسر الهمزة ، مصدر أدبر إدبارا ، وقرأ الآخرون بفتحها على جمع الدبر . [ ص: 365 ]

                                                                                                                                                                                                                                      قال عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، والحسن ، والشعبي ، والنخعي ، والأوزاعي : " أدبار السجود " الركعتان بعد صلاة المغرب ، وأدبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر . وهي رواية العوفي عن ابن عباس . وروي عنه مرفوعا ، هذا قول أكثر المفسرين .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا أبو أيوب الدمشقي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على الركعتين أمام الصبح .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا صالح بن عبد الله ، حدثنا أبو عوانة عن قتادة ، عن زرارة بن أبي أوفى ، عن سعيد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو عثمان الضبي ، أخبرنا أبو محمد الجراحي ، أخبرنا أبو العباس المحبوبي ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا بدل بن المحبر ، حدثنا عبد الملك بن معدان عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود أنه قال : ما أحصى ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل [ صلاة الفجر ] : ب " قل يا أيها الكافرون " ، و " قل هو الله أحد " . [ ص: 366 ]

                                                                                                                                                                                                                                      قال مجاهد : " وأدبار السجود " هو التسبيح باللسان في أدبار الصلوات المكتوبات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو الحسين طاهر بن الحسين الروقي الطوسي بها ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن أيوب ، أخبرنا مسدد ، حدثنا خالد هو ابن عبد الله ، حدثنا سهيل عن أبي عبيد عن عطاء بن يزيد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من سبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وكبر الله ثلاثا وثلاثين ، وحمد الله ثلاثا وثلاثين ، فذلك تسعة وتسعون ، ثم قال تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا إسحاق ، أخبرنا يزيد ، أخبرنا ورقاء عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قالوا : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم ، قال : كيف ذاك ؟ قالوا : صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا ، وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا أموال ، قال : " أفلا أخبركم بأمر تدركون به من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم ، ولا يأتي أحد بمثل ما جئتم به إلا من جاء بمثله : تسبحون في دبر كل صلاة عشرا ، وتحمدون عشرا ، وتكبرون عشرا " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله - عز وجل - : ( واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب ( 41 ) يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج ( 42 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( واستمع يوم ينادي المنادي ) أي : واستمع يا محمد صيحة القيامة والنشور يوم ينادي المنادي ، قال مقاتل : يعني إسرافيل ينادي بالحشر يا أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة ، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء ( من مكان قريب ) من صخرة بيت المقدس ، وهي وسط الأرض . قال الكلبي : هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا .

                                                                                                                                                                                                                                      ( يوم يسمعون الصيحة بالحق ) وهي الصيحة الأخيرة ( ذلك يوم الخروج ) من القبور .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية