الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      680 أخبرنا عمرو بن منصور قال حدثنا علي بن عياش قال حدثنا شعيب عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إلا حلت له شفاعتي يوم القيامة

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      680 ( حدثنا علي بن عياش ) بالياء التحتية والشين المعجمة ، وهو الحمصي من كبار شيوخ البخاري ، ولم يلقه من الأئمة الستة غيره ، وقد حدث عنه القدماء بهذا الحديث ، أخرجه أحمد في مسنده عنه ، ورواه علي بن المديني شيخ [ ص: 27 ] البخاري مع تقدمه عن أحمد عنه ، أخرجه الإسماعيلي من طريقه ( حدثنا شعيب ) هو ابن أبي حمزة ( عن محمد بن المنكدر عن جابر ) ذكر الترمذي أن شعيبا تفرد به عن ابن المنكدر فهو غريب مع صحته ، قال الحافظ ابن حجر : وقد توبع ابن المنكدر عليه عن جابر ، أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق أبي الزبير عن جابر ( من قال حين يسمع النداء ) يحتمل أن لا يتقيد بفراغه ، وأن يتقيد به ، وهو الأظهر ( اللهم رب هذه الدعوة التامة ) بفتح الدال هي الأذان ، وسميت تامة لكمالها وعظم موقعها ، وقال ابن التين : لأن فيها أتم القول ، وهو لا إله إلا الله ، ورب منادى ثان أو بدل لا صفة ؛ لأن مذهب سيبويه أن اللهم لا يجوز وصفه ( والصلاة القائمة ) أي التي ستقوم أي تقام وتحضر ، وقال الحافظ ابن حجر : إن المراد بالصلاة المعهودة المدعو إليها حينئذ ، وقال الطيبي : من أوله إلى قوله : محمد رسول الله هي الدعوة التامة ، والحيعلة هي الصلاة القائمة ، ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة الدعاء وبالقائمة الدائمة ، من قام على الشيء : إذا دام عليه ، وعلى هذا فقوله : والصلاة القائمة بيان للدعوة التامة ( آت محمدا الوسيلة ) فسرت في حديث عبد الله بن عمرو بأنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عبيد الله ( والفضيلة ) قال ابن حجر : أي المرتبة الزائدة على سائر الخلائق ، ويحتمل أن تكون منزلة أخرى أو تفسيرا للوسيلة ( وابعثه المقام المحمود ) كذا ورد هنا معرفا ورواه البخاري والترمذي منكرا ( الذي وعدته ) زاد في رواية البيهقي : إنك لا تخلف الميعاد . قال الطيبي : المراد بذلك قوله تعالى : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وأطلق عليه الوعد ؛ لأن عسى من الله واقع كما صح عن ابن عيينة وغيره ، وقال ابن الجوزي : والأكثر على أن المراد به الشفاعة ( إلا حلت له شفاعتي ) أي وجبت كما في رواية الطحاوي أو [ ص: 28 ] نزلت عليه ، واللام بمعنى على ، ويؤيده رواية مسلم : حلت عليه وقوله هنا وفي رواية الترمذي ( إلا ) يحتاج إلى تأويل ، وفي رواية البخاري حلت بدونها ، وهي أوضح ؛ لأن أول الكلام : من قال وهو شرطية وحلت جوابها ، ولا يقترن جزاء الشرط بإلا ، وتأويلها أنه حمله على معنى : لا يقول ذلك أحد إلا حلت ، وقد استشكل بعضهم جعل ذلك ثوابا لقائل ذلك مع ما ثبت أن الشفاعة للمذنبين ، وأجيب بأن له صلى الله عليه وسلم شفاعات أخرى كإدخال الجنة بغير حساب ، وكرفع الدرجات ، فيعطى كل واحد ما يناسبه ، ونقل عياض عن بعض شيوخه أنه كان يرى اختصاص ذلك بمن قاله مخلصا مستحضرا إجلال النبي صلى الله عليه وسلم ، لا من قصد بذلك مجرد الثواب ونحوه ، قال الحافظ ابن حجر : وهو تحكم غير مرضي




                                                                                                      الخدمات العلمية