الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 15 - 21 ] قال عليه الصلاة والسلام { وإذا قرأ الإمام فأنصتوا }ويستحسن على سبيل الاحتياط فيما يروى عن محمد رحمه الله ، ويكره عندهما لما فيه من الوعيد ( ويستمع وينصت وإن قرأ الإمام آية الترغيب والترهيب ) ; لأن الاستماع والإنصات فرض بالنص ، والقراءة وسؤال الجنة والتعوذ من النار كل ذلك مخل به ( وكذلك في الخطبة ، وكذلك إن صلى على النبي عليه الصلاة والسلام ) لفرضية الاستماع ، إلا أن يقرأ الخطيب قوله تعالى" { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه }" الآية ; فيصلي السامع في نفسه ، واختلفوا في النائي عن المنبر ، والأحوط هو السكوت ، إقامة لفرض الإنصات ، والله أعلم بالصواب

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثامن والخمسون : قال عليه السلام : { وإذا قرأ فأنصتوا }قلت : روي من حديث أبي موسى ، ومن حديث أبي هريرة . فحديث أبو موسى ، رواه مسلم في " صحيحه " ، في " باب القراءة ، والركوع والسجود ، والتشهد " . فقال : وحدثنا أبو عثمان المسمعي ثنا معاذ بن هشام ثنا أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا جرير عن سليمان التيمي عن قتادة بهذا الإسناد مثله يعني حديث قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديث : { إذا كبر الإمام فكبروا } ، وفيه قصة ، قال مسلم : وفي [ ص: 22 ] حديث جرير من الزيادة : { وإذا قرأ فأنصتوا } ، ثم قال : قال أبو إسحاق " يعني صاحب مسلم " : قال أبو بكر ابن أخت أبي النضر ، في هذا الحديث " أي طعن فيه " ؟ فقال مسلم : يزيد أحفظ من سليمان التيمي ، فقال له أبو بكر : فحديث أبي هريرة " يعني : { وإذا قرأ فأنصتوا }" ؟ فقال مسلم : هو عندي صحيح ، فقال : لم لم تضعه هاهنا ؟ فقال : ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا ، إنما وضعت هاهنا ما اجتمعوا عليه . انتهى كلام مسلم .

                                                                                                        وأخرجه أبو داود في " سننه في باب التشهد " عن سليمان التيمي ثنا قتادة عن أبي غلاب عن حطان بن عبد الله الرقاشي بهذا الحديث ، وزاد : { وإذا قرأ فأنصتوا } ، قال أبو داود : { وإذا قرأ فأنصتوا } ، ليس بشيء انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن ماجه في " سننه " بسند أبي داود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا قرأ الإمام فأنصتوا ، فإذا كان عند القعدة ، فليكن أول ذكر أحدكم التشهد }انتهى . وأخرجه البزار في " مسنده " كذلك ، وقال : لا نعلم أحدا قال فيه : { وإذا قرأ فأنصتوا } ، إلا سليمان التيمي ، إلا ما حدثناه محمد بن يحيى القطيعي ثنا سالم بن نوح عن عمر بن عامر عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان عبد الله عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث سليمان التيمي ، { وإذا قرأ فأنصتوا }انتهى .

                                                                                                        وبهذا السند رواه ابن عدي في " الكامل " عن سالم بن نوح العطار عن عمر بن عامر . وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة به ، ولم يعله ، وإنما قال : وهذا الحديث سليمان التيمي أشهر من عمرو بن عامر . وابن أبي عروبة . انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي هريرة : فرواه أبو داود . والنسائي . وابن ماجه . من حديث أبي خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا قرأ فأنصتوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا لك الحمد }انتهى .

                                                                                                        ذكره أبو داود في " باب الإمام يصلي من قعود " وقال : وهذه الزيادة : { وإذا قرأ فأنصتوا } ، ليست بمحفوظة ، والوهم عندنا من أبي خالد انتهى .

                                                                                                        وتعقبه المنذري في " مختصره " ، فقال وهذا فيه نظر ، فإن أبا خالد الأحمر هذا هو : سليمان بن حيان ، وهو من الثقات الذين احتج بهم البخاري . ومسلم ، ومع هذا فلم ينفرد بهذه الزيادة ، بل تابعه عليها أبو سعيد محمد بن سعد الأنصاري الأشهلي المدني [ ص: 23 ] نزيل بغداد ، وقد سمع من ابن عجلان ، وهو ثقة ، وثقه النسائي . وابن معين . وغيرهما ، وقد أخرج مسلم هذه الزيادة في " صحيحه " في حديث أبي موسى الأشعري من حديث سليمان التيمي عن قتادة ، وضعفها أبو داود . والدارقطني . والبيهقي . وغيرهم . لتفرد سليمان التيمي بها ، قال الدارقطني : وقد رواه أصحاب قتادة الحفاظ عنه : منهم هشام الدستوائي . وسعيد . وشعبة . وهمام . وأبو عوانة . وأبان . وعدي بن أبي عمارة ، فلم يقل أحد منهم : { وإذا قرأ فأنصتوا }.

                                                                                                        قال : وإجماعهم يدل على وهم . انتهى .

                                                                                                        ولم يؤثر عند مسلم تفرده بها لثقته وحفظه ، وصححها من حديث أبي موسى ، وأبي هريرة انتهى كلامه . ومتابعة محمد بن سعد لسليمان التيمي التي أشار إليها المنذري أخرجها النسائي في " سننه " أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك ثنا محمد بن سعد الأنصاري حدثني محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا قرأ فأنصتوا }انتهى .

                                                                                                        وأخرجه الدارقطني في " سننه " ، وقال : قال أبو عبد الرحمن : كان محمد بن عبد الله المخزومي ، يقول : محمد بن سعد ، هذا ثقة ، انتهى .

                                                                                                        ولسليمان التيمي متابعان آخران ، غير محمد بن سعد ، أخرج الدارقطني في " سننه " حديثهما وضعفهما : أحدهما : إسماعيل بن أبان الغنوي ثنا محمد بن عجلان به ، والآخر : محمد بن ميسر أبو سعد الصاغاني ثنا ابن عجلان به ، قال : وإسماعيل بن أبان ومحمد بن ميسر ضعيفان انتهى وقال البيهقي في " المعرفة " بعد أن روى حديث أبي هريرة . وأبي موسى : وقد أجمع الحفاظ على خطإ هذه اللفظة في الحديث : أبو داود . وأبو حاتم . وابن معين . والحاكم . والدارقطني ، وقالوا : إنها ليست بمحفوظة ، أو [ ص: 24 ] يحمل الإنصات فيه على ترك الجهر ، كما في الحديث الصحيح عن أبي زرعة عن أبي هريرة ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ ، فقيل له : يا رسول الله ما تقول في سكوتك بين التكبير . والقراءة ؟ فقال : أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي }الحديث . انتهى .

                                                                                                        أحاديث الباب : روى النسائي في " سننه " أخبرني هارون بن عبد الله ثنا زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح ثنا أبو الزاهرية حدثني كثير بن مرة الحضرمي عن أبي الدرداء ، سمعه يقول : { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أفي كل صلاة قراءة ؟ قال : نعم ، قال رجل من الأنصار : وجبت هذه ؟ فالتفت إلي ، وكنت أقرب القوم منه ، فقال : ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم }انتهى .

                                                                                                        قال النسائي : هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطأ ، إنما هو قول أبي الدرداء ، وبوب عليه " اكتفاء المأموم بقراءة الإمام " .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الطحاوي في " شرح الآثار " محتجا به عن عبيد الله بن عمرو الرقي عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ، فلما قضى صلاته أقبل عليهم بوجهه ، فقال : أتقرءون في صلاتكم خلف الإمام ، والإمام يقرأ ؟ فسكتوا ، فقالها ثلاث مرات ، فقالوا : إنا لنفعل ، قال : لا تفعلوا }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " ، وزاد : { وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن الحجاج بن أرطاة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين ، قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس ، ورجل يقرأ خلفه ، فلما فرغ قال : من ذا الذي يخالجني سورة كذا ؟ فنهاهم عن القراءة خلف الإمام }انتهى .

                                                                                                        ثم قال : لم يقل هكذا غير حجاج ، وخالفه أصحاب قتادة : منهم شعبة . وسعيد . وغيرهما ، فلم يذكروا فيه : { فنهاهم عن القراءة } ، وحجاج لا يحتج به . انتهى .

                                                                                                        وقال البيهقي في " المعرفة " : وقد رواه مسلم في " صحيحه " من حديث شعبة عن قتادة عن زرارة به : { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه الظهر ، فقال : أيكم قرأ ب { سبح اسم ربك الأعلى }؟ فقال رجل : أنا ، فقال عليه السلام : قد عرفت أن رجلا خالجنيها ، قال شعبة : فقلت لقتادة : كأنه كرهه ؟ ، فقال : لو كرهه لنهى عنه }.

                                                                                                        قال البيهقي : ففي [ ص: 25 ] سؤال شعبة ، وجواب قتادة في هذه الرواية الصحيحة تكذيب من قلب الحديث ، وزاد فيه : { فنهى عن القراءة خلف الإمام }. انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن يحيى بن سلام ثنا مالك بن أنس ثنا وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ، إلا أن يكون وراء الإمام }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : يحيى بن سلام ضعيف ، والصواب موقوف ، ثم أخرجه كذلك .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني أيضا عن غسان بن الربيع عن قيس بن الربيع عن محمد بن سالم عن الشعبي عن الحارث عن علي ، قال : { قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : أقرأ خلف الإمام أو أنصت ؟ ، قال : بل أنصت ، فإنه يكفيك }انتهى .

                                                                                                        ثم قال : تفرد به غسان ، وهو ضعيف . وقيس . ومحمد بن سالم ضعيفان ، قال : والمرسل أصح منه ، ثم أخرجه عن محمد بن سالم عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا قراءة خلف الإمام }. انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " من طريق الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان حدثني إبراهيم بن سعيد عن أحمد بن علي بن سلمان البرودي عن عبد الرحمن المخزومي عن سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { من قرأ خلف الإمام ، فلا صلاة له }انتهى . ثم قال ابن حبان : هذا الحديث لا أصل له ، وأحمد بن علي بن سلمان لا ينبغي أن يشتغل بحديثه . انتهى .

                                                                                                        ولم أجد هذا الحديث في " كتاب الضعفاء لابن حبان " ، ولا ترجم فيه على أحمد بن علي بن سلمان ، فالله أعلم .

                                                                                                        { حديث آخر } : قال ابن حبان في " كتاب الضعفاء " : مأمون بن أحمد السلمي من أهل هراة ، كان دجالا من الدجاجلة ، روى عن يحيى بن عباس عن سفيان عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من قرأ خلف الإمام ملئ فوه نارا }انتهى .

                                                                                                        ملخص كلام البخاري في " الجزء الذي وضعه في القراءة خلف الإمام " ، قال : [ ص: 26 ] واحتج هذا القائل " يعني أبا حنيفة " بقوله تعالى : { فاستمعوا له وأنصتوا }ثم قال : وهذا منقوض بالثناء ، مع أنه تطوع ، والقراءة فرض ، فأوجب عليه الإنصات بترك فرض ، ولم يوجبه بترك سنة ، فحينئذ يكون الفرض عنده أهون حالا من التطوع ، واعترضه أيضا بفرع ، وهو أن المصلي لو جاء والإمام في الركعة الأولى من الفجر ، فإنه يصلي عنده ركعتي الفجر ، ويترك الاستماع . والإنصات ، مع أنه عليه السلام ، قال : { إذا أقيمت الصلاة ، فلا صلاة إلا المكتوبة }.

                                                                                                        قال : ويقال له : أرأيت إذا لم يجهر الإمام ، أيقرأ خلفه ؟ فإن قال : لا ، فقد أبطل دعواه ; لأن الاستماع إنما يكون لما يجهر به ، ثم ذكر عن ابن عباس من غير سند ، { فاستمعوا له وأنصتوا } ، قال : في الخطبة ، ثم قال : ولو أريد به في الصلاة ، فنحن نقول : إنما يقرأ خلف الإمام عند سكوته ، وقد روى سمرة قال : { كان للنبي صلى الله عليه وسلم سكتتان : سكتة حين يكبر . وسكتة حين يفرغ من قراءته } ، قال : وكان أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وميمون بن مهران . وسعيد بن جبير ، وغيرهم يرون القراءة عند سكوت الإمام عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : { لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب } ، والإنصات إذا قرأ الإمام عملا بالآية .

                                                                                                        قال : واحتج أيضا بقوله عليه السلام { من كان له إمام ، فقراءة الإمام له قراءة }. قال : وهذا حديث لم يثبت عند أهل العلم من أهل الحجاز . والعراق ، لإرساله وانقطاعه : أما إرساله ، فرواه عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما انقطاعه ، فرواه الحسن بن صالح عن جابر الجعفي عن أبي الزبير عن جابر ، ولا يدرى أسمع جابر من أبي الزبير ، أم لا ، قال : ولو ثبت ، فتكون الفاتحة مستثناة منه " أي من كان له إمام ، فقراءة الإمام له قراءة ، بعد الفاتحة " كما قال صلى الله عليه وسلم : { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا }.

                                                                                                        وقال في حديث آخر : { إلا المقبرة } ، مع انقطاعه ، قال : ونظير هذا { قوله عليه السلام لسليك الغطفاني ، حين جاء ، وهو يخطب : قم ، فاركع ، مع أنه أمر بالإنصات للخطبة ، فقال : إذا قلت لصاحبك : أنصت ، والإمام يخطب يوم الجمعة ، فقد لغوت } ، ولكنه أخرج الصلاة من هذا الإطلاق ، قال : واحتج أيضا بخبر روي عن داود بن قيس عن ابن نجاد رجل من ولد سعد عن سعد ، قال : وددت أن الذي يقرأ خلف الإمام في فيه جمرة ، قال : وهذا مرسل ، فإن ابن نجاد لم يعرف ، ولا سمي ، قال : واحتج أيضا بحديث رواه أبو حباب عن سلمة بن كهيل عن إبراهيم ، قال : قال عبد الله : وددت أن الذي يقرأ خلف الإمام ملئ فوه نتنا قال : وهذا مرسل لا يحتج به ، وخالفه ابن عوان عن إبراهيم عن الأسود ، وقال : رضفا ، وهذا كله ليس من كلام أهل العلم ، لوجهين : أحدهما : قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تلاعنوا بلعنة الله ، ولا بالنار ، ولا تعذبوا بعذاب الله } ، فكيف يجوز [ ص: 27 ] لأحد أن يقول : في [ في ] الذي يقرأ خلف الإمام جمرة ، والجمرة من عذاب الله ؟ .

                                                                                                        والثاني : أنه لا يحل لأحد أن يتمنى أن تملأ أفواه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل : عمر بن الخطاب . وأبي بن كعب . وحذيفة . وعلي بن أبي طالب . وأبي هريرة . وعائشة وعبادة بن الصامت . وأبي سعيد الخدري . وعبد الله بن عمر ، وفي جماعة آخرين ممن روي عنهم القراءة خلف الإمام رضفا ، ولا نتنا ولا ترابا ، ثم روى أحاديث هؤلاء في مواضع متفرقة من الجزء المذكور ، قال : واحتج أيضا بخبر رواه عمر بن موسى بن سعد عن زيد بن ثابت ، قال : من قرأ خلف الإمام فلا صلاة له ، قال : ولا يعرف لهذا الإسناد سماع بعضهم من بعض ، ولا يصح مثله ، قال : وروى سليمان التيمي . وعمر بن عامر عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان عن أبي موسى في حديثه الطويل عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه : { وإذا قرأ ، فأنصتوا } ، ولم يذكر سليمان في هذه الزيادة سماعا من قتادة ، ولا قتادة من يونس بن جبير ، وروى هشام . وسعيد . وأبو عوانة وهمام . وأبان بن يزيد . وغيرهم عن قتادة ، فلم يقولوا فيه : { وإذا قرأ ، فأنصتوا } ، ولو صح لحمل على ما سوى الفاتحة .

                                                                                                        وروى أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم . وغيره عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : { إنما جعل الإمام ليؤتم به } ، وزاد فيه : { وإذا قرأ فأنصتوا } ، ولا يعرف هذا من صحيح حديث أبي خالد الأحمر ، قال أحمد : أراه كان يدلس ، وقد رواه الليث . وبكير عن ابن عجلان عن أبي زياد عن الأعرج عن أبي هريرة ، ورواه الليث أيضا عن ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة .

                                                                                                        وعن ابن عجلان عن مصعب بن محمد . وزيد بن أسلم . والقعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة ، فلم يقولوا فيه : { وإذا قرأ ، فأنصتوا } ، ورواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتابع أبو خالد في زيادته ، قال ويقال لهذا القائل : قد أجمع أهل العلم . وأنت ، على أن الإمام لا يتحمل عن القوم فرضا ، ثم قلت : إن الإمام يتحمل عن القوم هذا الفرض ، مع أنك قلت : إنه لا يتحمل عنهم شيئا من السنن كالثناء والتسبيح ، ونحو ذلك ، فتثبت أن الفرض عندك أهون حالا من التطوع . انتهى كلامه ملخصا محررا ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                        قوله : ويستحسن " يعني القراءة خلف الإمام " فيما يروى عن محمد على سبيل الاحتياط ، ويكره عندهما لما فيه من الوعيد ، قلت : هو ما رواه في القراءة خلف الإمام قبل ، ورواية عن سعد : وددت أن الذي يقرأ خلف الإمام في فيه جمرة ، وعن عمر : ليت في فم الذي يقرأ خلف الإمام حجرا .




                                                                                                        الخدمات العلمية