الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 844 ] ثم دخلت سنة عشر وثلاثمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها أطلق يوسف بن أبي الساج من الضيق وكان معتقلا وردت إليه أمواله وأعيد إلى عمله وأضيف إليه بلدان أخرى ووظف عليه في كل سنة خمسمائة ألف دينار يحملها إلى الحضرة فبعث حينئذ إلى مؤنس الخادم يطلب منه أبا بكر بن الأدمي القارئ وكان قد قرأ بين يديه حين اعتقل وأشهر في سنة إحدى وسبعين ومائتين وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد [ هود : 102 ] فخاف القارئ سطوته واستعفى من مؤنس الخادم فقال له مؤنس : اذهب وأنا شريكك في الجائزة ، فلما دخل عليه قرأ بين يديه وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي [ يوسف : 54 ] فقال : بل أحب أن تقرأ ذلك العشر الذي قرأته عند إشهاري وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة فإن ذلك كان سبب توبتي إلى الله عز وجل وكان ذلك على يديك ، ثم أمر له بمال جزيل وأحسن إليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها مرض علي بن عيسى الوزير فجاءه هارون ابن المقتدر ليعوده ، فبسط له الطريق فلما اقترب من داره تحامل وخرج إليه فبلغه سلام الخليفة ، وجاء مؤنس الخادم معه ثم جاء الخبر بأن الخليفة قد عزم على عيادته فاستعفى من [ ص: 845 ] مؤنس الخادم ، وركب على جهد عظيم حتى سلم على الخليفة حتى لا يكلفه الركوب إليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة قبض على القهرمانة أم موسى ومن ينتسب إليها ، فكان حاصل ما حمل إلى بيت المال من جهتها ألف ألف دينار .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي يوم الخميس لعشر بقين من ربيع الآخر ولى المقتدر منصب القضاء أبا الحسين عمر بن الحسين بن علي الشيباني المعروف بابن الأشناني وكان من حفاظ الحديث وفقهاء الناس ، ولكنه عزل بعد ثلاثة أيام وكان قبل ذلك محتسبا ببغداد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها عزل محمد بن عبد الصمد عن شرطة بغداد ووليها نازوك وخلع عليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي جمادى الآخرة ظهر كوكب له ذنب طوله ذراعان ، وذلك في برج السنبلة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة في شعبان منها وصلت هدايا نائب مصر وهو الحسين بن الماذرائي ، وفيها بغلة معها فلوها وغلام يصل لسانه إلى طرف أنفه ، وفي هذا الشهر قرئت الكتب على المنابر بما كان من الفتوح ببلاد الروم . وفي هذه السنة ورد الخبر بأنه انشق بأرض واسط فلوع من الأرض سبعة عشر موضعا أكبرها طوله ألف ذراع وأقلها مائتا ذراع وأنه غرق من أمهات القرى ألف وثلاثمائة قرية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس إسحاق بن عبد الملك الهاشمي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية