الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 212 ] ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها ملكت الروم سروج وقتلوا أهلها وخربوا مساجدها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الأثير : وفيها قصد صاحب عمان البصرة فمنعه منها المهلبي كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال : وفيها نقم معز الدولة على وزيره ، فضربه مائة وخمسين مقرعة ولم يعزله ، بل رسم عليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها اختصم المصريون والعراقيون بمكة ، فخطب لصاحب مصر ، ثم غلبهم العراقيون ، فخطبوا لركن الدولة بن بويه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كانت وفاة المنصور الفاطمي وهو أبو طاهر إسماعيل بن القائم بأمر الله أبي القاسم محمد بن عبيد الله المهدي صاحب المغرب ، وله من العمر تسع وثلاثون سنة ، وكانت خلافته سبع سنين وستة عشر يوما ، وكان عاقلا شجاعا فاتكا ، قهر أبا يزيد الخارجي الذي كان لا يطاق شجاعة وإقداما وصبرا ، وكان [ ص: 213 ] فصيحا بليغا ، يرتجل الخطبة على البديهة في الساعة الراهنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان سبب موته ضعف الحرارة الغريزية ، كما أورده ابن الأثير في " كامله " ، فاختلف عليه الأطباء ، وقد عهد بالأمر من بعده لولده المعز الفاطمي ، وهو باني القاهرة المعزية ، كما سيأتي بيان ذلك واسمه معد ، وكان عمره إذ ذلك أربعا وعشرين سنة ، وكان شجاعا عاقلا أيضا ، حازم الرأي ، أطاعه من البربر وأهل تلك الناحية خلق كثير ، وبعث مولاه جوهرا القائد فبنى له القاهرة المتاخمة لمصر ، واتخذ له فيها دار الملك ، وهما القصران اللذان هنالك ، وذلك في سنة أربع وستين وثلاثمائة ، كما سيأتي بيانه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية