الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2127 ) مسألة : قال : ( والاختيار تأخير السحور ، وتعجيل الفطر ) الكلام في هذه المسألة في فصلين : ( 2128 ) أحدهما ، في السحور ، والكلام فيه في ثلاثة أشياء ; أحدها ، في استحبابه . ولا نعلم فيه بين العلماء خلافا . وقد روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { تسحروا ; فإن في السحور بركة } . متفق عليه .

                                                                                                                                            وعن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر } . أخرجه مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح . وروى الإمام أحمد ، بإسناده عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { السحور بركة ، فلا تدعوه ، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء ، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين } . الثاني : في وقته . قال أحمد يعجبني تأخير السحور ; لما روى زيد بن ثابت ، قال : تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة . قلت : كم كان قدر ذلك ؟ قال : خمسين آية . متفق عليه .

                                                                                                                                            وروى العرباض بن سارية ، قال : { دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور ، فقال : هلم إلى الغداء المبارك } . رواه أبو داود ، والنسائي . سماه غداء لقرب وقته منه . ولأن المقصود بالسحور التقوي على الصوم ، وما كان أقرب إلى الفجر كان أعون على الصوم . قال أبو داود : قال أبو عبد الله : إذا شك في الفجر يأكل حتى يستيقن طلوعه . وهذا قول ابن عباس ، وعطاء والأوزاعي .

                                                                                                                                            قال أحمد : يقول الله تعالى : { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ، ولا الفجر المستطيل ، ولكن الفجر المستطير في الأفق } . قال الترمذي : هذا حديث حسن . وروى أبو قلابة قال : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو يتسحر : يا غلام ، اخف الباب ، لا يفجأنا الصبح وقال رجل لابن عباس : إني أتسحر ; فإذا شككت أمسكت . فقال ابن عباس : كل ما شككت ، حتى لا تشك فأما الجماع فلا يستحب تأخيره ; لأنه ليس مما يتقوى به ، وفيه خطر وجوب الكفارة ، [ ص: 55 ] وحصول الفطر به .

                                                                                                                                            الثالث : فيما يتسحر به . وكل ما حصل من أكل أو شرب حصل به فضيلة السحور ; لقوله عليه السلام : { ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء } . وروى أبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { نعم سحور المؤمن التمر } . رواه أبو داود .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية