الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 385 ] ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها كثر فساد التركمان من أصحاب برجم الإيوائي ، فجهز إليهم منكورس المسترشدي في جيش كثيف ، فالتقوا معهم فهزمهم أقبح هزيمة ، وجاءوا بالأسارى والرءوس إلى بغداد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كانت وقعة عظيمة بين الغز وبين الملك محمود ، فكسروه وقتلوا من أصحابه وغيرهم خلقا كثيرا ونهبوا البلاد ، وأقاموا بمرو ، ثم إنهم طلبوه إليهم فخاف على نفسه ، فأرسل ولده بين يديه فأكرموه ، ثم قدم عليهم فاجتمعوا عليه وعظموه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها وقعت فتنة كبيرة بمرو بين فقيه الشافعية المؤيد بن الحسين ، وبين نقيب العلويين بها أبي القاسم زيد بن الحسن ، فقتل بينهم خلق كثير ، واحترقت المساجد والمدارس والأسواق ، وانهزم المؤيد الشافعي إلى بعض القلاع .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولد الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضيء بأمر الله ، وفيها خرج المقتفي نحو الأنبار متصيدا وعبر الفرات وزار الحسين ، ومضى إلى واسط وعاد إلى بغداد ولم يكن معه الوزير .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كسر جيش مصر الفرنج بأرض عسقلان كسرة فظيعة صحبة الملك [ ص: 386 ] الصالح أبي الغارات ، فارس الدين طلائع بن رزيك وامتدحه الشعراء .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها قدم الملك نور الدين من حلب إلى دمشق وقد شفي من المرض ففرح به المسلمون ، وخرج إلى قتال الفرنج ، فانهزم جيشه ، فبقي هو وشرذمة من أصحابه في لجة العدو ، فرموهم بالسهام الكثيرة ، ثم خافوا أن يكون وقوفه في هذه الشرذمة القليلة ، خديعة لمجيء كمين إليهم ، ففروا منهزمين ، ولله الحمد . وحج بالناس فيها قايماز الأرجواني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية