الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وسبعمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      استهلت وحكام البلاد هم المذكورون في التي قبلها ، وناظر الجامع عز الدين بن المنجا ، والمحتسب عماد الدين بن الشيرازي ، وغيرهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي مستهل المحرم يوم الخميس حضر الدرس بأم الصالح الشيخ الصالح شمس الدين ابن خطيب يبرود عوضا عن قاضي القضاة شهاب الدين بن المجد ، وحضر عنده القضاة والأعيان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي سادس المحرم رجع مهنا بن عيسى من عند السلطان ، فتلقاه النائب والجيش ، وعاد إلى أهله في عز وعافية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيه أمر السلطان بعمارة جامع القلعة وتوسيعه ، وعمارة جامع مصر العتيق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقدم إلى دمشق القاضي جمال الدين عبد الله بن كمال الدين محمد بن عماد الدين إسماعيل بن تاج الدين بن الأثير كاتب سر بها ، عوضا عن شرف بن الشهاب محمود . ووقع في هذا الشهر والذي بعده موت كثير في [ ص: 375 ] الناس بالخانوق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ربيع الأول مسك الأمير نجم الدين بن الزيبق مشد الدواوين ، وصودر ، وبيعت خيوله وحواصله ، وتولاه بعده سيف الدين تمر مملوك بكتمر الحاجب ، وهو مشد الزكاة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيه كملت عمارة حمام الأمير شمس الدين حمزة الذي كان قد تمكن عند تنكز بعد ناصر الدين الدوادار ، ثم وقعت الشناعة عليه بسبب ظلمه في عمارة هذا الحمام ، فقابله النائب على ذلك ، وانتصف للناس منه ، وضربه بين يديه ، ورماه بالبندق بيده في وجهه وسائر جسده ، ثم أودعه القلعة ، ثم نقله إلى بحيرة طبرية فغرقه فيها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وعزل الأمير جمال الدين نائب الكرك عن نيابة طرابلس حسب سؤاله في ذلك ، وراح إليها طينال ، وقدم نائب الكرك إلى دمشق ، وقد رسم له بالإقامة في صرخد ، فلما تلقاه نائب السلطنة والجيش نزل بدار السعادة ، وأخذ سيفه بها ، ونقل إلى القلعة ، ثم نقل إلى صفد ، ثم إلى الإسكندرية ، ثم كان آخر العهد به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي جمادى الأولى احتيط على دار الأمير 7 بكتمر الحاجب الحسامي بالقاهرة ، ونبشت ، وأخذ منها شيء كثير جدا ، وكان جد أولاده نائب الكرك المذكور .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 376 ] وفي يوم السبت تاسع جمادى الآخرة باشر حسام الدين أبو بكر ابن الأمير عز الدين أيبك النجيبي شد الأوقاف ، عوضا عن ابن بكتاش ، اعتقل ، وخلع على المتولي ، وهنأه الناس .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي منتصف هذا الشهر علق الستر الجديد على خزانة المصحف العثماني ، وهو من خز ، طوله ثمانية أذرع ، وعرضه أربعة أذرع ونصف ، غرم عليه أربعة آلاف وخمسمائة ، وعمل في مدة سنة ونصف .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وخرج الركب الشامي يوم الخميس تاسع شوال ، وأميره علاء الدين المرسي ، وقاضيه شهاب الدين الظاهري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذا الشهر رجع جيش حلب إليها ، وكانوا عشرة آلاف سوى من تبعهم من التركمان ، وكانوا في بلاد أذنة ، وطرسوس ، وآياس ، وقد خربوا وقتلوا وسبوا وأسروا خلقا كثيرا ، ولم يعدم منهم سوى رجل واحد غرق بنهر جاهان ، ولكن قتل الكفار من كان عندهم من المسلمين نحوا من ألفي رجل يوم عيد الفطر - من التجار وغيرهم - فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيه وقع حريق عظيم بحماة ، احترقت منه أسواق كثيرة وأملاك وأوقاف ، وهلكت أموال لا تحصر ، وكذلك احترق أكثر مدينة أنطاكية ، فتألم المسلمون لذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 377 ] وفي ذي الحجة خرب المسجد الذي كان في وسط الطريق بين باب النصر وباب الجابية ، عن حكم القضاة بأمر نائب السلطنة ، وبني غربيه مسجد حسن الشكل ، أحسن وأنفع من الأول .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية