الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فسخ نكاح الزوجين يسلم أحدهما

قال الله تبارك وتعالى { إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن } إلى قوله { ولا هم يحلون لهن } وقال تبارك وتعالى { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } ( قال الشافعي ) نزلت في الهدنة التي كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة وهم أهل أوثان وعن قول الله عز وجل { فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات } فاعرضوا عليهن الإيمان فإن قبلن وأقررن به فقد علمتموهن مؤمنات . وكذلك علم بني آدم الظاهر : وقال تبارك وتعالى { الله أعلم بإيمانهن } يعني بسرائرهن في إيمانهن ، وهذا يدل على أن لم يعط أحد من بني آدم أن يحكم على غير ظاهر ومعنى الآيتين واحد فإذا كان الزوجان وثنيين فأيهما أسلم أولا فالجماع ممنوع حتى يسلم المتخلف عن الإسلام منهما لقوله تعالى { لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } وقوله { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } فاحتملت العقدة أن تكون منفسخة إذا كان الجماع ممنوعا بعد إسلام أحدهما فإنه لا يصلح لواحد منهما إذا كان أحدهما مسلما والآخر مشركا أن يبتدئ النكاح ، واحتملت العقدة أن لا تنفسخ إلا أن يثبت المتخلف عن الإسلام منهما على التخلف عنه مدة من المدد فيفسخ النكاح إذا جاءت تلك المدة قبل أن يسلم ولم يكن يجوز أن يقال لا تنقطع العصمة بين الزوجين حتى يأتي على المتخلف منهما عن الإسلام مدة قبل أن يسلم إلا بخبر لازم ( قال الشافعي ) وأخبرنا جماعة من أهل العلم من قريش وأهل المغازي وغيرهم عن عدد قبلهم { أن أبا سفيان بن حرب أسلم بمر ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر عليها فكانت بظهوره وإسلام أهلها دار الإسلام ، وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكة . ومكة يومئذ دار الحرب . ثم قدم عليها يدعوها [ ص: 48 ] إلى الإسلام فأخذت بلحيته وقالت اقتلوا الشيخ الضال فأقامت أياما قبل أن تسلم ثم أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وثبتا على النكاح } ( قال الشافعي ) وأخبرنا { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة فأسلم أكثر أهلها وصارت دار الإسلام وأسلمت امرأة عكرمة بن أبي جهل وامرأة صفوان بن أمية وهرب زوجاهما ناحية البحر من طريق اليمن كافرين إلى بلد كفر ثم جاءا فأسلما بعد مدة وشهد صفوان حنينا كافرا فاستقرا على النكاح وكان ذلك كله ونساؤهن مدخول بهن لم تنقض عددهن } ولم أعلم مخالفا في أن المتخلف عن الإسلام منهما إذا انقضت عدة المرأة قبل أن يسلم انقطعت العصمة بينهما وسواء خرج المسلم منهما من دار الحرب وأقام المتخلف فيها أو خرج المتخلف عن الإسلام أو خرجا معا أو أقاما معا لا تصنع الدار في التحريم والتحليل شيئا إنما يصنعه اختلاف الدينين .

التالي السابق


الخدمات العلمية