الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
نكاح المحرم ( قال الشافعي ) رحمه الله : أخبرنا مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أخي بني عبد الدار أخبره { أن عمر بن عبيد الله أرسل إلى أبان بن عثمان وأبان يومئذ أمير الحاج وهما محرمان : إني قد أردت أن أنكح طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير وأردت أن تحضر فأنكر ذلك أبان وقال سمعت عثمان بن عفان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكح المحرم ولا ينكح } ( قال الشافعي ) أخبرنا ابن عيينة عن أيوب بن موسى عن نبيه بن وهب عن أبان بن عثمان أظنه عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل معناه ( أخبرنا الربيع ) قال ( أخبرنا الشافعي ) قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يزيد بن الأصم { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال } ( أخبرنا الربيع ) قال ( أخبرنا الشافعي ) قال أخبرنا مالك عن ربيعة عن سليمان بن يسار { أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع مولاه ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة ابنة الحارث ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قبل أن يخرج } ( أخبرنا الربيع ) قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن مسلمة عن إسماعيل بن أمية عن ابن المسيب قال { ما نكح رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة إلا وهو حلال } ( أخبرنا الربيع ) قال ( أخبرنا الشافعي ) قال : أخبرنا مالك عن داود بن الحصين أن أبا غطفان بن طريف المري أخبره أن أباه طريفا تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر نكاحه .

( أخبرنا الربيع ) قال ( أخبرنا الشافعي ) قال أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول : لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب على نفسه ولا على غيره .

( أخبرنا الربيع ) قال ( أخبرنا الشافعي ) قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن قدامة بن موسى عن شوذب أن زيد بن ثابت رد نكاح محرم .

( قال الشافعي ) رحمه الله وبهذا كله نأخذ فإذا نكح المحرم أو أنكح غيره فنكاحه مفسوخ وللمحرم أن يراجع امرأته لأن الرجعة قد ثبتت بابتداء النكاح وليست بالنكاح إنما هي شيء له في نكاح كان وهو غير محرم وكذلك له أن يشتري الأمة للوطء وغيره وبهذا نقول فإن نكح المحرم فنكاحه مفسوخ .

[ ص: 191 ] باب الخلاف في نكاح المحرم

أخبرنا الربيع قال ( قال الشافعي ) رحمه الله فخالفنا بعض الناس في نكاح المحرم فقال لا بأس أن ينكح المحرم ما لم يصب وقال روينا خلاف ما رويتم فذهبنا إلى ما روينا وذهبتم إلى ما رويتم روينا { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح وهو محرم } فقلت له أرأيت إذا اختلفت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيها تأخذ ؟ قال بالثابت عنه قلت أفترى حديث عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم ثابتا ؟ قال : نعم قلت وعثمان غير غائب عن نكاح ميمونة لأنه مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وفي سفره الذي بنى بميمونة فيه في عمرة القضية وهو السفر الذي زعمت أنت بأنه نكحها فيه وإنما نكحها قبله وبنى بها فيه قال : نعم ولكن الذي روينا عنه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نكحها وهو محرم فهو وإن لم يكن يوم نكحها بالغا ولا له يومئذ صحبة فإنه لا يشبه أن يكون خفي عليه الوقت الذي نكحها فيه مع قرابته بها ولا يقبله هو وإن لم يشهده إلا عن ثقة فقلت له يزيد بن الأصم ابن أختها يقول نكحها حلالا ومعه سليمان بن يسار عتيقها أو ابن عتيقها فقال نكحها حلالا فيمكن عليك ما أمكنك فقال هذان ثقة ومكانهما منها المكان الذي لا يخفى عليهما الوقت الذي نكحها فيه لحطها وحط من هو منها نكاح رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن يقبلا ذلك وإن لم يشهداه إلا بخبر ثقة فيه فتكافأ خبر هذين وخبر من رويت عنه في المكان منها وإن كان أفضل منهما فهما ثقة أو يكون خبر اثنين أكثر من خبر واحد ويزيدونك معهما ثالثا ابن المسيب وتنفرد عليك رواية عثمان التي هي أثبت من هذا كله فقلت له : أو ما أعطيتنا أن الخبرين لو تكافآ نظرنا فيما فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده فنتبع أيهما كان فعلهما أشبه ، وأولى الخبرين أن يكون محفوظا فنقبله ونترك الذي خالفه ؟ قال : بلى قلت فعمر ويزيد بن ثابت يردان نكاح المحرم ويقول ابن عمر لا ينكح ولا ينكح ولا أعلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما مخالفا قال فإن المكيين يقولون ينكح .

فقلت مثل ما ذهبت إليه والحجة تلزمهم مثل ما لزمتك ولعلهم خفي عليهم ما خالف ما رووا من نكاح النبي صلى الله عليه وسلم محرما قال فإن من أصحابك من قال إنما قلنا لا ينكح لأن العقدة تحل الجماع وهو محرم عليه قلت له الحجة فيما حكينا لك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا فيما وصفت أنهم ذهبوا إليه من هذا وإن كنت أنت قد تذهب أحيانا إلى أضعف منه وليس هذا عندنا مذهب المذاهب في الخبر أو علة بينة فيه قال فأنتم قلتم للمحرم أن يراجع امرأته إذا كانت في عدة منه وأن يشتري الجارية للإصابة قلت إن الرجعة ليست بعقد نكاح إنما هي شيء جعله الله للمطلق في عقدة النكاح أن يكون له الرجعة في العدة وعقدة النكاح كان وهو حلال فلا يبطل العقدة حق الإحرام ولا يقال للمراجع ناكح بحال فأما الجارية تشترى فإن البيع مخالف عندنا وعندك للنكاح من قبل أنه قد يشتري المرأة قد أرضعته ولا يحل له إصابتها ويشتري الجارية وأمها وولدها لا يحل له أن يجمع بين هؤلاء فأجيز الملك بغير جماع وأكثر ما في ملك النكاح الجماع ولا يصلح أن ينكح امرأة لا يحل له جماعها وقد يصلح أن يشتري من لا يحل له جماعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية