الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          كتاب الرؤيا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب أن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة

                                                                                                          2270 حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ورؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة والرؤيا ثلاث فالرؤيا الصالحة بشرى من الله والرؤيا من تحزين الشيطان والرؤيا مما يحدث بها الرجل نفسه فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليتفل ولا يحدث بها الناس قال وأحب القيد في النوم وأكره الغل القيد ثبات في الدين قال وهذا حديث حسن صحيح [ ص: 452 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 452 ] قوله : ( كتاب الرؤيا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بضم الراء وسكون الهمزة وبالقصر ما يراه النائم في منامه .

                                                                                                          قوله : ( إذا اقترب الزمان ) قال صاحب الفائق فيه ثلاثة أقاويل :

                                                                                                          أحدها أنه أراد آخر الزمان واقتراب الساعة لأن الشيء إذا قل وتقاصر تقاربت أطرافه ومنه قيل للمقتصد متقارب ويقولون تقاربت إبل فلان إذا قلت ، ويعضده قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب .

                                                                                                          وثانيها أنه أراد به استواء الليل والنهار لزعم العابرين أن أصدق الأزمان لوقوع العبادة وقت انفتاق الأنوار ، وزمان إدراك الأثمار ، وحينئذ يستوي الليل والنهار .

                                                                                                          وثالثها ـ أنه من قوله صلى الله عليه وسلم يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كالساعة ، قالوا : يريد به زمن خروج المهدي وبسط العدل وذلك زمان يستقصر لاستلذاذه فيتقارب أطرافه .

                                                                                                          قلت : قوله صلى الله عليه وسلم : في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة في باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في الميزان والدلو ( لم تكد ) أي لم يقرب ( وأصدقهم رؤيا أصدقهم [ ص: 453 ] حديثا ) أي الذي هو أصدقهم حديثا هو أصدقهم رؤيا ( ورؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ) كذا وقع في أكثر الأحاديث وفي حديث أبي هريرة عند مسلم جزء من خمسة وأربعين ، ووقع عند مسلم أيضا من حديث ابن عمر : جزء من سبعين جزءا وعند الطبراني عن ابن مسعود : جزء من ستة وسبعين ، وأخرج ابن عبد البر عن أنس : جزء من ستة وعشرين ، وفي رواية : جزء من خمسين جزءا من النبوة ، وفي رواية : جزء من أربعين ، وفي رواية : جزء من أربعة وأربعين ، وفي رواية : جزء من تسعة وأربعين ذكر هذه الروايات الحافظ في الفتح ثم قال : أصحها مطلقا الأول ، وقال وقد استشكل كون الرؤيا جزءا من النبوة مع أن النبوة انقطعت بموت النبي صلى الله عليه وسلم فقيل في الجواب : إن وقعت الرؤيا من النبي صلى الله عليه وسلم فهي جزء من أجزاء النبوة حقيقة ، وإن وقعت من غير النبي فهي جزء من أجزاء النبوة على سبيل المجاز ، وقال الخطابي : قيل معناه أن الرؤيا تجيء على موافقة النبوة لأنها جزء باق من النبوة وقيل : المعنى أنها جزء من علم النبوة لأن النبوة وإن انقطعت فعلمها باق ، وتعقب بقول مالك فيما حكاه ابن عبد البر أنه سئل أيعبر الرؤيا كل أحد ؟ فقال : أبالنبوة يلعب ؟ ثم قال : الرؤيا جزء من النبوة فلا يلعب بالنبوة ، والجواب أنه لم يرد أنها نبوة باقية وإنما أراد أنها لما اشتبهت النبوة من جهة الاطلاع على بعض الغيب لا ينبغي أن يتكلم فيها بغير علم انتهى ، وقال صاحب مجمع البحار : ولا حرج في الأخذ بظاهره فإن أجزاء النبوة لا تكون نبوة فلا ينافي حديث ذهب النبوة ، انتهى .

                                                                                                          ( فالرؤيا الصالحة بشرى من الله ) أي إشارة إلى بشارة من الله تعالى للرائي أو المرئي له ، ( والرؤيا من تحزين الشيطان ) أي بأن يكدر عليه وقته فيريه في النوم أنه قطع رأسه مثلا ( والرؤيا مما يحدث بها الرجل نفسه ) كمن يكون في أمر أو حرفة يرى نفسه في ذلك الأمر ( وليتفل ) قال في القاموس : تفل يتفل ويتفل بصق ( قال وأحب القيد في النوم وأكره الغل ) قال المهلب : الغل يعبر بالمكروه ، لأن الله أخبر في كتابه أنه من صفات أهل النار بقوله تعالى إذ الأغلال في أعناقهم الآية ، وقال النووي : قال العلماء : إنما أحب القيد لأن محله الرجل وهو كف عن المعاصي والشر والباطل ، وأبغض الغل الغل لأن محله العنق وهو صفة أهل النار ( القيد ثبات في الدين ) وإنما جعل القيد ثباتا في الدين لأن المقيد لا يستطيع المشي ، فضرب مثلا للإيمان الذي يمنع عن المشي إلى الباطل .

                                                                                                          [ ص: 454 ] قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه الشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية