الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      زيد بن علي ( د ، ت ، ق )

                                                                                      ابن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو الحسين الهاشمي العلوي المدني أخو أبي جعفر الباقر ، وعبد الله ، وعمر ، وعلي ، وحسين ، وأمه أم ولد . روى عن أبيه زين العابدين ، وأخيه الباقر ، وعروة بن الزبير . وعنه ابن أخيه جعفر بن محمد ، وشعبة ، وفضيل بن مرزوق ، والمطلب بن زياد ، وسعيد بن خثيم ، وابن أبي الزناد .

                                                                                      وكان ذا علم وجلالة وصلاح ، هفا ، وخرج ، فاستشهد . وفد على متولي العراق يوسف بن عمر ، فأحسن جائزته ، ثم رد ، فأتاه قوم من الكوفة ، فقالوا : ارجع نبايعك ، فما يوسف بشيء ، فأصغى إليهم وعسكر ، فبرز لحربه عسكر يوسف ، فقتل في المعركة ، ثم صلب أربع سنين .

                                                                                      [ ص: 390 ] وقال الفسوي : كلم هشاما في دين ، فأبى عليه ، وأغلظ له .

                                                                                      قال عيسى بن يونس : جاءت الرافضة زيدا ، فقالوا : تبرأ من أبي بكر وعمر حتى ننصرك ، قال : بل أتولاهما . قالوا : إذا نرفضك ، فمن ثم قيل لهم : الرافضة . وأما الزيدية ، فقالوا بقوله ، وحاربوا معه . وذكر إسماعيل السدي عنه ، قال : الرافضة حزبنا مرقوا علينا ، وقيل : لما انتهره هشام وكذبه ، قال : من أحب الحياة ذل ، وقال :

                                                                                      إن المحكم ما لم يرتقب حسدا ويرهب السيف أو وخز القنا هتفا     من عاذ بالسيف لاقى فرجة عجبا
                                                                                      موتا على عجل أو عاش فانتصفا

                                                                                      عاش نيفا وأربعين سنة ، وقتل يوم ثاني صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة -رحمه الله .

                                                                                      وروى عبد الله بن أبي بكر العتكي ، عن جرير بن حازم قال : رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- كأنه متساند إلى خشبة زيد بن علي ، وهو يقول : هكذا تفعلون بولدي ؟ ! .

                                                                                      قال عباد الرواجني : أنبأنا عمرو بن القاسم قال : دخلت على جعفر الصادق ، وعنده ناس من الرافضة . فقلت : إنهم يبرءون من عمك زيد ، فقال : برأ الله ممن تبرأ منه . كان والله أقرأنا لكتاب الله ، وأفقهنا في دين الله ، وأوصلنا للرحم ، ما تركنا وفينا مثله .

                                                                                      وروى هاشم بن البريد ، عن زيد بن علي ، قال : كان أبو بكر -رضي الله عنه- إمام الشاكرين ، ثم تلا وسيجزي الله الشاكرين ثم قال : البراءة من أبي بكر هي البراءة من علي . وعن معاذ بن أسد قال : ظهر ابن لخالد القسري على زيد بن علي [ ص: 391 ] وجماعة ، أنهم عزموا على خلع هشام ، فقال هشام لزيد بن علي : بلغني عنك كذا ؟ ! قال : ليس بصحيح ، قال : قد صح عندي ، قال : أحلف لك ؟ قال : لا أصدقك . قال : إن الله لن يرفع من قدر من حلف له بالله ، فلم يصدق ، قال : اخرج عني ، قال : إذا لا تراني إلا حيث تكره .

                                                                                      قلت : خرج متأولا ، وقتل شهيدا ، وليته لم يخرج ، وكان يحيى ولده لما قتل بخراسان ، فقال يحيى :

                                                                                      لكل قتيل معشر يطلبونه     وليس لزيد بالعراقين طالب



                                                                                      قلت : ثار يحيى بخراسان ، وكاد أن يملك .

                                                                                      قال ابن سعد : قتله سلم بن أحوز ، وأمه هي ريطة بنت عبد الله بن محمد بن الحنفية . وقال الهيثم : لم يعقب يحيى . وكان نصر بن سيار عامل خراسان ، قد بعث سلما إلى يحيى ، فظفر به ، فقتله بعد حروب شديدة وزحوف ، ثم أصاب يحيى بن زيد سهم في صدغه فقتله ، فاحتزوا رأسه ، وبعثوا به إلى هشام بن عبد الملك إلى الشام ، وصلبت جثته بجوزجان ، ثم أنزلها أبو مسلم الخراساني ، وواراه ، وكتب بإقامة النياحة عليه ببلخ أسبوعا ، وبمرو ، وما ولد إذ ذاك ولد بخراسان من العرب والأعيان إلا سمي يحيى ، ودعا أبو مسلم بديوان بني أمية ، فجعل يتصفح أسماء قتلة يحيى ومن سار في ذلك البعث لقتاله . فمن كان حيا ، قتله .

                                                                                      وقال الليث بن سعد : قتل يحيى سنة خمس وعشرين ومائة -رحمه الله .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية