الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكمة الشرع في تحريم إتيان الزوجة في الموضع المحرم

السؤال

لماذا عندما يأتي الرجل امرأته يأتيها من الفرج ولا يأتيها من الظهر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

ففي البداية ننبه الأخ السائل أننا قد قمنا بتغيير بعض الألفاظ التي جاءت في سؤاله نظراً لكونها ألفاظاً صريحة تستهجنها النفوس، وأدب الإسلام في مثل هذه الأمور استعمال ألفاظ الكناية -أعني التلميح دون ألفاظ التصريح- فقد ورد في القرآن استعمال لفظ النكاح، وورد في السنة استعمال لفظ القبل والدبر وكذلك لفظ النكاح، لأن هذه الأمور يستحيا منها، فالأولى فيها عدم التصريح، إلا إذا تعلق الأمر بمصلحة شرعية كإثبات الزنا ونحوه، فالتصريح حينئذ أولى رفعاً للإلباس كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ما عز بن مالك رضي الله عنه الثابتة في صحيح البخاري وصحيح مسلم.
ولنأت الآن للإجابة على السؤال فنقول: إن المرأة إنما تؤتى في قبلها لأن الله تعالى أمر بذلك حيث قال سبحانه: ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (البقرة:222)
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فيما رواه الترمذي وأبو داود وأحمد بإسناد حسن "أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة". ولا تؤتى المرأة في دبرها، لأن من فعل ذلك فهو ملعون كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
روى الإمام أحمد في المسند بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " ملعون من أتى امرأة في دبرها " وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد كلاماً نفيساً ننقل جملة منه لأهميته في هذا المقام حيث قال: وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض، فما الظن بالحش -وهو الدبر- الذي هو محل الأذى اللازم، مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل، والذريعة القريبة جداً من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان. وأيضاً فللمرأة حق على الزوج في الوطء، ووطؤها في دبرها يفوت حقها، ولا يقضي وطرها، ولا يحصل مقصودها. وأيضاً فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ولم يخلق له، وإنما الذي هيئ له الفرج، فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعاً.
وأيضاً فإن ذلك مضر بالرجل، ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء من الفلاسفة وغيرهم، لأن للفرج خاصية اجتذاب الماء المحتقن وإراحة الرجل منه، والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء، ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي، وأيضاً يضر من وجه آخر وهو إحواجه إلى حركات متعبة جداً، لمخالفته للطبيعة.
. ا هـ وهو كلام حسن فليراجعه من أراد المزيد من الفائدة 4/362-364. وبهذا تظهر حكمة الشرع في النهي عن إتيان النساء في أدبارهن. فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به، وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني