الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كل قرض جرَّ نفعًا للمقرض فهو ربا

السؤال

أقوم حالياً بتأسيس شركة، تتيح لموظفي الشركات المتعاقدة صرف جزء من رواتبهم المستحقة، قبل اكتمال الشهر وليست سلفة (بمعنى عمل يوم يأخذ أجر هذا اليوم، أو عمل أسبوع يأخذ أجر أسبوع، وهكذا)، مع العلم أن الموظف سيقوم بدفع مبلغ ثابت في كل مرة يصرف فيها جزءًا من راتبه مقابل استخدام هذه المنصة. وهذا المبلغ معلوم لدى جميع الأطراف، ويتم استيفاء المبلغ الذي تم صرفه للموظف نهاية الشهر من الشركة المتعاقدة. فهل هذا يعتبر رباً؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالراتب المستحق تدفعه جهة العمل للعامل في نهاية الشهر كما هو معروف، وشركتكم هذه تقوم بدفع راتب اليوم، أو الأسبوع الذي عمل فيه الموظف قبل نهاية الشهر، ثم تعود على الموظف في نهاية الشهر بما دفعت له، وزيادة عليه نظير هذه الخدمة؛ فهذا في حقيقته قرض أو سلفة، وإذا كان الأمر كذلك؛ فالمبلغ الثابت الذي يدفعه الموظف مقابل استخدام المنصة، في كل مرة يقترض فيها جزءًا من راتبه: يعتبر ربًا، والمعاملة كلها لا تخرج عن القرض الربوي.

والقاعدة: أن كل قرض جرَّ نفعًا للمقرض؛ فهو ربا. قال ابن عبد البر في «الاستذكار»: كل زيادة من عين أو منفعة يشترطها المسلف على المستسلف فهي ربا، لا خلاف في ذلك. اهـ.

وقال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على أن السلف إذا شرط عُشْر السلف هدية، أو زيادة، فأسلفه على ذلك، أن أخذه الزيادة ربا. اهـ.

ويجب في الشروط المقرونة بالقرض أن تتمحض في مصلحة المقترض، قال الحطاب في «تحرير الكلام في مسائل الالتزام»: كل شرط أدى إلى ‌منفعة غير المتسلف، فإنه يفسد به القرض. اهـ.

وقال النفراوي في «الفواكه الدواني»: السلف لا يكون إلا لله، فلا يقع جائزًا، إلا إذا تمحض النفع للمقترض. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني