الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من كان لديه أرض وسيارة هل يلزمه بيعهما ليحج الفريضة

السؤال

أنا موظف حكومي، ودخلى محدود يكفيني لشهر واحد، أي لحين استلام الراتب وهكذا، ولدي قطعة أرض بمساحة 250 مترا، ولدي سيارة والحمد لله، لكن لا يمكنني بناء بيت لعائلتي لعدم إمكانيتي. سؤالي هو: هل علي حج بمعنى هل الحج فرض علي، وهل علي بيع الأرض أو السيارة كي أحج؟ في هذه الحالة أفيدوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحج واجب على من وجد السبيل إليه لقوله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً {آل عمران:97}

وهو واجب على الفور في أصح قولي العلماء، وعليه فإن كان ما تملكه من أرض أو سيارة غير فاضل عن حاجتك وحاجة عيالك، فلا يلزمك بيعه والحج بثمنه، وقد نص العلماء على أن الحج إنما يلزم من وجد ما يفضل عن حاجته وحاجة من تلزمه نفقته، ومن تلك الحاجات الدابة وفي معناها السيارة فلا يلزمك بيعها، إلا إن أمكنك تحصيل المقصود منها بما هو دونها في الثمن، فحينئذ يتعين عليك بيعها، وأن تحج بما فضل من ثمنها إن كان يكفي لذلك، وأما الأرض فإن كنت محتاجا إليها كأن كنت تريد أن تبني بيتا تسكنه وكنت لا تملك مسكنا، أو كنت تؤجرها وتنتفع بأجرتها في نفقتك ونفقة من تلزمك نفقته، فلا يلزمك بيعها، وأما إن كانت فاضلة عن حاجتك، وإنما تعدها لتبني عليها بيتا في المستقبل، فإن عليك بيعها، وأن تحج بثمنها، لأنها والحال هذه فاضلة عن حاجاتك الأصلية، قال في كشاف القناع مفصلا ما يعتبر في الحاجات الأصلية التي يلزم الحج بما فضل عنها: ( ويعتبر كونه ) أي ما تقدم من الزاد والراحلة وآلتهما أو ما يقدر به على تحصيل ذلك ( فاضلا عما يحتاج إليه من كتب ) لأنها في معنى المسكن ونحوه ( ومسكن للسكنى ) لأنه من حاجته الأصلية لأن المفلس يقدم به على غرمائه فههنا أولى ( أو ) مسكن ( يحتاج إلى أجرته لنفقته أو نفقة عياله ) لتأكد حقهم لقوله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول رواه أبو داود. ( أو ) أي ويعتبر أيضا أن يكون ذلك فاضلا عن (بضاعة يختل ربحها المحتاج إليه ) لو صرف فيه شيئا منها لما فيه من الضرر على غرمائه. ( و ) يعتبر أيضا أن يكون فاضلا عن قضاء ( دينه حالا كان ) الدين ( أو مؤجلا لله أو لآدمي ) لأن ذمته مشغولة به وهو محتاج إلى براءتها ( و ) يعتبر أيضا أن يكون فاضلا عما ( لا بد له منه ) كمؤنته ومؤنة عياله الذين تلزمه مؤنتهم لأن ذلك مقدم على الدين فلأن يقدم على الحج بطريق الأولى. ( لكن إن فضل منه عن حاجته وأمكن بيعه وشراؤه ما يكفيه ) بأن كان المسكن واسعا أو الخادم نفيسا فوق ما يصلح له وأمكن بيعه وشراء قدر الكفاية منه ( ويفضل ما يحج به لزمه ) ذلك، وكذا إن استغنى بإحدى نسختي كتاب باع الأخرى. انتهى

واعلم أن الحج سبب بإذن الله لسعة الرزق والبركة فيه كما في الحديث: تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة