الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تريد الحج وزوجها يمنعها فهل تحج بغير إذنه

السؤال

أنا أرغب في أداء فريضة الحج وقادرة ماديا، ولكن زوجي غير راغب تماما ويرفض بحجة أن بناتي صغيرات السن-تسع سنوات، وسبع سنوات- مع العلم بأن هناك من يستطيع حضانتهن أثناء غيابنا, بالطبع ليس كمثلنا ولكن بحوالي 50 بالمائة، ومنعني من أداء الفريضة مع رفقة مأمونة وقال لي إنه سيسخط علي إن فعلت ذلك، فماذا أفعل وما موقفي أنا من أداء الفريضة؟
وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي أن الحج من أركان الإسلام ومبانيه العظام وأنه واجب على الفور على الراجح من قولي العلماء، إذا توفر شرط الاستطاعة، قال الله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. {آل عمران:97}، ولا يجوز لزوجك منعك من حج الفريضة، فإن منعك جاز لك الخروج ولو بغير إذنه، قال ابن قدامة في المغني:

وليس للرجل منع امرأته من حجة الإسلام، وبهذا قال النخعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي وهو الصحيح من قولي الشافعي، لأنه فرض فلم يكن له منعها منه كصوم رمضان والصلوات الخمس، ويستحب أن تستأذنه في ذلك نص عليه أحمد، فإن أذن وإلا خرجت بغير إذنه، فأما حج التطوع فله منعها منه. انتهى.

وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:

نعم يأثم إذا منع زوجته من الحج الذي تمت شروطه، فهو آثم يعني لو قالت: هذا محرم، هذا أخي يحج بي، وأنا عندي نفقة ولا أريد منك قرشاً وهي لم تؤد الفريضة فيجب أن يأذن لها، فإن لم يفعل حجت ولو لم يأذن، إلا أن تخاف أن يطلقها فتكون حينئذ معذورة. انتهى.

وما ذكرت من أمر ابنتيك ليس عذراً يبيح له منعك من الحج، ما دام الحاضن لهما موجوداً، ثم إن مدة الحج لا تطول طولاً تتضرران به عادة.

فإذا تبين هذا، فعليك أن تجتهدي في مناصحة زوجك، وأن تبيني له كلام أهل العلم في وجوب الحج وأنه على الفور، فإن خرج معك للحج وإلا فلك أن تخرجي بالحج بغير إذنه إلا أن يكرهك على عدم الخروج للحج.

لكن ننبهك على أن سفرك للحج لا بد من أن يكون مع محرم، ولا يجوز لك الخروج مع رفقة مأمونة، خلافاً لمن أجاز ذلك من العلماء، جاء في المغني:

وقد نص عليه أحمد، فقال أبو داود: قلت لأحمد: امرأة موسرة لم يكن لها محرم هل يجب عليها الحج؟ قال: لا، وقال أيضاً: المحرم من السبيل. انتهى.

وانظري لذلك الفتوى رقم: 115961.

فإن كنت تقلدين من يقول بجواز الخروج للحج مع رفقة مأمونة أو نسوة ثقات، وهو مذهب المالكية المعمول به في بلدك كما أنه مذهب طائفة من أهل العلم، فلك الخروج إلى الحج ولو بغير محرم، إذا وجدت رفقة مأمونة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة