السؤال
جزاكم الله خيرا على هذه الجهود المباركة.
هاجرت إلى أستراليا، وبدأت البحث عن زوجة بالطرق الشرعية، من خلال سؤال بعض أئمة المساجد، ولم يجد هذا نفعا في وجود ضالتي (مع العلم أني لا أحب هذه الطريقة، حيث إنني أشعر وكأنني متسول أتكفف سؤال الناس، والنظرات التي حصلت عليها، وبعض التعليقات الساخرة كافية بأن لا أطرق هذا الباب مجددا، ولن أسأل أحدا مجددا عن موضوع الزواج).
سؤالي هو: دائما ما أغض بصري، وأختصر كلامي مع النساء، وبهذه الطريقة يستحيل أن أتزوج في هذه البلاد.
فهل يجوز لي الحديث مع من أتوسم فيها خيرا سواء وجدتها في العمل، أو في أماكن عامة مثل المكتبات، والمؤتمرات، وورش العمل، أو حتى في السوق بنية البحث الجاد عن زوجة، علما بأنهن في الغالب لن يكن مسلمات، ولكن من خلال عدة محادثات، نيتي هي أن أعرض عليها الإسلام. فإن قبلت، وحسن إسلامها تزوجنا، وإن رفضت، تركتها، وبحثت عن غيرها.
فكرت، وقلت بل أغض بصري، ولا دخل لي كيف سيرزقني الله بزوجة، فهو سيفي بوعده، ولكني تذكرت قول عمر "السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة"
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا في سعيك في سبيل الزواج لتعف نفسك، ونسأل الله عز وجل أن يحقق لك مبتغاك، ويرزقك زوجة صالحة، تعينك في أمر دينك، ودنياك.
ومن أفضل السبل لتحقيق ذلك، سؤال الله سبحانه وتعالى التوفيق، فهو القائل: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}. ومن دعاء الصالحين في القرآن العظيم: والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما {الفرقان:74}. وانظر للمزيد الفتوى رقم: 119608، ففيها آداب الدعاء، وشروطه.
والدعاء من الأسباب المشروعة التي ينبغي أن تبذل، وكذلك غيرها من الأسباب، ومنها الاستعانة ببعض الثقات، وليس هذا من سؤال الناس المذموم، ولا ينبغي لأحد أن يعيبك به، ولا نظن أن يفعل الثقات شيئا من هذه السخرية.
والأصل وجوب غض البصر، امتثالا لقول الله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون {النور:30}، والرغبة في الزواج لا تبيح إطلاق البصر إلى النساء الأجنبيات، أو الحديث إليهن بلا ضوابط، وإنما يجوز أن ينظر الخاطب إلى من يريد خطبتها إذا عزم على الخطبة ورجا الإجابة، على أن يقتصر على النظر إلى الوجه والكفين، كما هو مذهب الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 5814. وكذلك تجوز محادثة الأجنبية للحاجة، وفي حدود الحاجة، وانظر الفتوى رقم: 21582.
ولا حرج في الزواج من الكتابية العفيفة، أو الكافرة ولو غير كتابية إذا أسلمت، ولا بأس بأن تعرض الإسلام على من ترغب في الزواج منها، ولكن الزواج من الكتابية لا يخلو من محاذير، ولذا كرهه بعض أهل العلم، وسبق أن بينا ذلك في الفتويين: 5315، 124180.
وننبه إلى خطورة الإقامة في بلاد الكفر، وأنها سبب للوقوع في مثل هذا الحرج، ولذا شدد العلماء في أمر الإقامة هنالك لغير ضرورة، أو حاجة شديدة، وراجع الفتوى رقم : 144781.
والله أعلم.