[ ص: 300 ] سورة الكافرون
وتسمى الإخلاص والمقشقشة.
مقصودها إثبات مقصود الكوثر بالدليل الشهودي على منزلها كامل العلم شامل القدرة لأنه المنفرد بالوحدانية، فلذلك لا يقاوي من كان معه، ولذلك لما نزلت قرأها صلى الله عليه وسلم [عليهم -] في المسجد أجمع ما كانوا، وهذا المراد بكل من أسمائها. أما الكافرون فمن وجهين، ناظر إلى إثبات، وناظر إلى نفي، أما المثبت فمن حيث إنه إشارة إلى تأمل جميع السورة من إطلاق البعض على الكل، وأما النافي فمن جهة أنهم إنما كفروا بإنكار ما هو مقصودها إما صريحا كالوحدانية وتمام القدرة، وإما لزوما وهو العم فإنه يلزم من نقص القدرة نقصه، وأما الإخلاص فلأن من اعتقد ذلك كان [مؤمنا -] مخلصا بريئا من كل شرك وكل كفر، وأما القشقشة فلأنها أبرأت من كل نفاق وكفر، من قولهم: تدقشقشت قروحه - إذا تقشرت للبرء، وعندي أنه من الجمع أخذا من القش الذي هو تطلب المأكول من ههنا وههنا فإنها جمعت
[ ص: 301 ] جميع أصول الدين، فأثبتتها على أتم وجه، فلزم من ذلك أنها جمعت جميع أنواع الكفر فحذفتها ونفتها، وقد تقدم تمام توجيه ذلك في براءة، فأمرهما دائر على الإخلاص، ومن المعلوم أن
من أخلص لله كان من أهل ولايته حقا، فحق له ما يفعل الولي مع وليه، ولذلك - والله أعلم - سنت قراءتها مع
قل هو الله أحد في ركعتي الفجر ليجوز فاعل ذلك بالبراءة من الشرك والاتصاف بالتوحيد أول النهار ثمرة ما ورد أن من صلى الصبح كان في ذمة الله، ومن كان كذلك كان جديرا بأن ينال ما أشارت إليه السورتان اللتان بين سورتي الإخلاص من الفتح له والنصر والخيبة لعدوه والخسر والحسرة: " بسم الله " المحيط علما وقدرة، فهو الواحد الذي لا يستطيع أحد أن يقدر قدره " الرحمن " الذي عم برحمة البيان من أوجب عليهم شكره " الرحيم " الذي خص أهل وده فالتزموا نهيه وأمره.