آ. ( 80 ) وقوله تعالى:
لبئس ما و "بئسما قدمت" قد تقدم إعراب نظير ذلك، فلا حاجة إلى إعادته، وهنا زيادة أخرى لخصوص التركيب وستعرفها. قوله:
"أن سخط الله عليهم" في محله أوجه، أحدها: أنه مرفوع على البدل من المخصوص بالذم، والمخصوص قد حذف وأقيمت صفته مقامه، فإنك تعرب "ما" اسما تاما معرفة في محل رفع بالفاعلية بفعل الذم، والمخصوص بالذم محذوف، و
"قدمت لهم أنفسهم" جملة في محل رفع صفة له، والتقدير لبئس الشيء شيء قدمته لهم أنفسهم، فـ "أن سخط الله عليهم" بدل من "شيء" المحذوف، وهذا هو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه كما تقدم تقريره. الثاني: أنه المخصوص بالذم، فيكون فيه ثلاثة الأوجه المشهورة، أحدها: أنه مبتدأ والجملة قبله خبره، والرابط على هذا العموم عند من يجعل ذلك، أو لا يحتاج إلى رابط؛ لأن الجملة عين المبتدإ. الثاني: أنه خبر مبتدأ محذوف؛ لأنك لما قلت: بئس الرجل، قيل لك: من هو ؟ فقلت: فلان؛ أي: هو فلان. الثالث: أنه مبتدأ خبره محذوف، وقد تقدم تحرير ذلك، وإلى كونه مخصوصا بالذم ذهب جماعة
nindex.php?page=showalam&ids=14423كالزمخشري، ولم يذكر غيره، قال:
"أن سخط الله عليهم" هو المخصوص بالذم، كأنه قيل: لبئس زادهم إلى الآخرة سخط الله عليهم، والمعنى: موجب سخط الله. قلت: وفي تقدير هذا
[ ص: 385 ] المضاف من المحاسن ما لا يخفى على متأمله، فإن نفس السخط المضاف إلى الباري تعالى لا يقال هو المخصوص بالذم، إنما المخصوص بالذم أسبابه، وذهب إليه أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي، nindex.php?page=showalam&ids=17141ومكي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14803وأبو البقاء ، إلا أن الشيخ بعد أن حكى هذا الوجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14423أبي القاسم nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري قال: ولم يصح هذا الإعراب إلا على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء nindex.php?page=showalam&ids=12095والفارسي في جعل "ما" موصولة، أو على مذهب من يجعل "ما" تمييزا، و "قدمت لهم" صفتها، وأما على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه فلا يتأتى ذلك، ثم ذكر مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه .
والوجه الثالث من أوجه "أن سخط": أنه في محل رفع على البدل من "ما"، وإلى ذلك ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي nindex.php?page=showalam&ids=13365وابن عطية ، إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكيا حكاه عن غيره، قال: وقيل: في موضع رفع على البدل من "ما" في "لبئس" على أنها معرفة. قال الشيخ - بعد ما حكى هذا الوجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية -: ولا يصح هذا، سواء كانت "ما" تامة أو موصولة؛ لأن البدل يحل محل المبدل منه، و
"أن سخط" لا يجوز أن يكون فاعلا لـ "بئس"؛ لأن فاعل "بئس" لا يكون "أن" والفعل. وهو إيراد واضح كما قاله.
الوجه الرابع: أنه في محل نصب على البدل من "ما"، إذا قيل بأنها تمييز، ذكر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي nindex.php?page=showalam&ids=14803وأبو البقاء ، وهذا لا يجوز البتة؛ وذلك لأن شرط
[ ص: 386 ] التمييز عند البصريين أن يكون نكرة، و "أن" وما في حيزها عندهم من قبيل أعرف المعارف؛ لأنها تشبه المضمر، وقد تقدم تقرير ذلك، فكيف يقع تمييزا؛ لأن البدل يحل محل المبدل منه ؟ وعند الكوفيين أيضا لا يجوز ذلك؛ لأنهم لا يجيزون التمييز بكل معرفة، خصوصا "أن" والفعل. الخامس: أنه في محل نصب على البدل من الضمير المنصوب بـ "قدمت" العائد على "ما" الموصولة، أو الموصوفة على حسب ما تقدم، والتقدير: قدمته سخط الله، كقولك: الذي رأيت زيدا أخوك، وفي هذا بحث في موضعه. السادس: أنه في موضع نصب على إسقاط الخافض؛ إذ التقدير: لأن سخط، وهذا جار على مذهبه
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه والفراء ؛ لأنهما يزعمان أن محل "أن" بعد حذف الخافض في محل نصب. السابع: أنه في محل جر بذلك الخافض المقدر، هذا جار على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي؛ لأنهما يزعمان أنها في محل جر، وقد تقدم تحقيق ذلك غير مرة، وعلى هذا فالمخصوص بالذم محذوف؛ أي: لبئسما قدمت لهم أنفسهم عملهم أو صنعهم، ولام العلة المقدرة معلقة، إما بجملة الذم؛ أي: سبب ذمهم سخط الله عليهم، أو بمحذوف بعده؛ أي: لأن سخط الله عليهم كان كيت وكيت.