القصص القرآني
بعد الآيات الكونية التي ذكرها الله تعالى دالة على وحدانيته - سبحانه وتعالى - ساق أنباء الرسل، ودعوتهم إلى التوحيد، وتبليغهم رسالات ربهم في إصلاح الإنسان، والقيام بحق ما أنعم الله به عليه، وأنباء من أرسلوا إليهم، وكفر من كفر وعناده، وأخبر عن دعوة كل رسول وما أجيب به، وذلك لأمور كثيرة:
أولها - العبرة بأحوال السابقين والوثنيين الذين اعترضوا على الأنبياء، لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب.
[ ص: 2877 ] وثانيها - بيان ما نزل بالمشركين الذين كفروا بالله وكذبوا الأنبياء وعاندوهم وآذوا من اتبعوهم - من عذاب حتم عليهم، ومن خسف جعل عالي ديارهم سافلها، ومن ريح صرصر عاتية، وليعلم الوثنيون الذي يخاطبون النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله تعالى يمهلهم ولا يهملهم، كما قال تعالى:
ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب
وثالثها - أن الآيات مهما تكن شديدة قارعة حسية لا تجعل من القلب الجاحد مؤمنا، فهؤلاء السابقون جاءتهم الآيات الحسية القارعة، ولكن لم تحمل الوثنيين على الإيمان، بل جحدوا وإن كانوا مستيقنين.
ورابعها - التسرية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه لم يكن أول من كذب وجحدت آياته بل كذبوا من قبل.
وخامسها - أن في نبأ كل نبي من الأنبياء تساق الحجج على التوحيد، والتنبيه إلى آيات الله تعالى في الكون.
وسادسها - أن في القصص علم الأمم وأخلاقها وضلالها وهداية من يهتدي.
من نبأ نوح - عليه السلام -