وقوله:
أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار ؛ هذا من لطيف العربية؛ ومعناه معنى الشرط والجزاء؛ وألف الاستفهام ههنا معناها معنى التوقيف؛ والألف الثانية في " أفأنت تنقذ من في النار " ؛ جاءت مؤكدة؛ معادة؛ لما طال الكلام؛ لأنه لا يصلح في العربية أن تأتي بألف الاستفهام في الاسم؛ وألف أخرى في الخبر؛ والمعنى: " أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذه؟! " ؛ ومثله:
أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون ؛
[ ص: 350 ] أعاد " أنكم " ؛ ثانية؛ والمعنى: " أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما مخرجون؟! " ؛ ويكون - والله أعلم - على وجه آخر؛ على أنه حذف؛ وفي الكلام دليل على المحذوف؛ على معنى: " أفمن حق عليه كلمة العذاب يتخلص منه؛ أو ينجو منه؛ أفأنت تنقذه؟! " ؛ أي: لا يقدر أحد أن ينقذ من أضله الله؛ وسبق في علمه أنه من أهل النار.