مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : " فإن
اشترى شقصا على أنهما جميعا بالخيار فلا شفعة حتى يسلم البائع ( قال ) : ولو كان الخيار للمشتري دون البائع فقد خرج من ملك البائع وفيه الشفعة " .
قال
الماوردي : اعلم أن
ما يثبت من الخيار في البيع على أربعة أقسام :
خيار عقد ، وخيار شرط ، وخيار رؤية ، وخيار عيب :
أما القسم الأول : فهو خيار العقد وهو خيار المجلس فلا يستحق فيه الشفعة إلا بعد نقضه بالافتراق عن تمام وإمضاء ، وسواء قيل إن الملك منتقل بنفس العقد ، أو بالافتراق مع تقديم العقد ؛ لأن ثبوت الفسخ لكل واحد منهما يمنع من استقرار العقد بينهما ، ولأن البائع لما لم يلزمه عقد المشتري فأولى أن لا يلزمه شفعة الشفيع ، فإذا افترقا عن تمام وإمضاء استحق الشفيع حينئذ أن يأخذ بالشفعة ، وبماذا يصير الشفيع مالكا لها ؟ على ثلاثة أقاويل من اختلاف أقاويله في انتقال الملك :
أحدهما : أن يكون مالكا لها بنفس العقد وإن منع من الأخذ إلا بالافتراق وهذا على القول الذي يقول فيه : إن الملك منتقل بنفس العقد .
والقول الثاني : أن يكون مالكا للشفعة بافتراقهما عن تراض وهذا على القول الذي يقول فيه : إن الملك لا ينتقل إلا بالعقد ، والافتراق .
والقول الثالث : إن ملك الشفعة كان موقوفا على إبرام العقد وإمضائه فتمامه يدل على
[ ص: 278 ] تقديم ملكها بالعقد وفسخه يدل على أنه لم يملكها بالعقد وهذا على القول الذي يقول فيه : إن الملك موقوف مراعى .
فإذا أخذ الشفيع ذلك بالشفعة بعد الافتراق عن تراض بحكم ، أو بغير حكم فهل يثبت له بعد الأخذ خيار المجلس أم لا ؟ على وجهين لأصحابنا :
أحدهما : أنه له خيار المجلس ؛ لأنه تملكه بمعاوضة كالبيع .
والوجه الثاني : وهو أصح أنه لا خيار له ؛ لأن الشفعة موضوعة لدفع الضرر بها كالرد بالعيب الذي لا يملك فيه بعد الرد خيار ، وليس كالبيع الموضوع للمعاينة وطلب الأرباح .