الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طفلي يحاول الحصول على أي شيء بالبكاء، فما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي تتمثل في ابني الذي يبلغ عمره 3 سنوات، وإلى الآن ما زال متعثراً جداً في الكلام؛ إذ أنه يردد بعض الكلمات، ولا يستطيع تكوين جمل ما عدا جمل الأذان التي يحفظها منذ 8 أشهر، ويرددها أحياناً.

ما يقلقني هو أن حصيلته اللغوية كانت أكثر ثراءً في عمر السنة والنصف إلى سنتين، ثم تدهورت في 3 سنوات، علماً أن طوله ووزنه طبيعيان جداً، كذلك مراحل نموه الأولى وولادته.

زرنا عدة أطباء، فنصحونا بوضعه في الروضة للاندماج مع الأطفال، خاصةً أنه ليس له إخوة، ولكن لم يتحسن من ناحية الكلام.

يحب مشاهدة التلفاز لفترات طويلة، كثير الحركة، عنيد، عندما نناديه أو نوجه له الأوامر يستجيب أحياناً وأحياناً أخرى لا يعيرنا انتباهاً، يريد الحصول على ما يريد بالبكاء أو بإصدار أصوات، يتكلم كثيراً بلغة مسترسلة وغير مفهومة، شككنا في سمعه أو في مرض التوحد، ولكن طبيب الأطفال نفاهما، ونصحنا بعدم تقديم الأكل أو أي شيء يحبه إلا عندما يردد اسمه، وليس بالبكاء، فلم يستجب لهذه الطريقة، ويظل ساعات طويلة دون أكل، ويصمم على عدم الكلام.

انصحوني فأنا في حيرة من أمري، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن تأخر الكلام لدى الأطفال هو ظاهرة نشاهدها في حوالي أربعين بالمائة من الأطفال، ولكن بعض هؤلاء الأطفال يتحسن، وقد يكون هذا التحسن بصورة مفاجئة جدّاً، ونحن نستطيع أن نقول: إنه حتى عمر أربع سنوات ليس هنالك ما يدعو للانزعاج الشديد إذا لم يستطع الطفل تكوين جملة قصيرة، ولكن بعد هذا العمر لابد من الفحص والتأكد من الأسباب.

هذا الطفل –حفظه الله– لا يعاني بالطبع من أي سمة من سمات التوحد، كما أن السمع لديه سليم، فأنتم -الحمد لله تعالى- قد قمتم بما هو مطلوب.

ربما تكون الأسباب أن الطفل كما ذكرتَ أصبح عصبياً ومعانداً، وهو في الأصل يعاني من كثرة الحركة، هذا يُشتت انتباهه وتركيزه، مما يجعله لا يركز على موضوع الكلام، واستبدل ذلك بالبكاء، وربما التصرفات الحركية.

الطريقة التي نصح الطبيب بها، وهي ألا يُقدم له الطعام إلا بعد أن يقوم بترديد اسمه كنوع من الحافز أو الشرط السلوكي، مثل هذه المناهج السلوكية لا بأس بها، ولكن أعتقد أن تجاهل التصرفات السلبية هو خير علاج في مثل هذه المرحلة، أي يجب أن لا تستجيبوا لمطالبه إذا كانت مطالب غير منطقية، أو أنه يبحث عن المزيد من الانتباه، تجاهل هذه المطالب هو الوسيلة الأفضل، أعرف أن ذلك قد يصعب كثيراً على الوالدين، ولكنه منهج سلوكي مقرر ومفيد.

وفي ذات الوقت يكافأ الطفل ويحفز ويكون هنالك مردود إيجابي دائماً له بتقبيله، احتضانه، تشجيعه، وشيء من هذا القبيل، هذه -يا أخي الكريم- هي المناهج الأفضل.

أما بالنسبة لاندماجه مع بقية الأطفال: فهذا أمر حتمي وضروري ولا بد منه؛ لأن الطفل يتعلم من الطفل، ولا شك في ذلك، حتى وإن لم يبدر عليه أي نوع من التحسن، لأن التحسن -إن شاء الله- سوف يأتي، ما دام الطفل في الأصل كان ينطق بعض الكلمات، فهذا أيضاً يجعلنا نكون أكثر اطمئناناً، وكما ذكرت لك أن حالة النكوص البسيطة التي حدثت له ربما هي ناتجة من عصبيته وتشتت انتباهه وكثرة الحركة، وهذه -إن شاء الله- سوف تنتهي وتتلاشى.

نصيحة أخرى: هي أن تتخذ الأسرة منهجاً واحداً في التعامل معه، أنت ووالدته وجميع من حولكم، يجب أن يتجاهل التصرفات السالبة، ويجب أن يُشجع ويُحفز على ما هو إيجابي، حتى وإن كان بسيطاً، وهذا المنهج بالطبع سوف يعطي الطفل رسالةً واحدةً تعزز السلوك الإيجابي، وتضعف من السلوك السلبي.

خلاصة الأمر: هو ألا تنزعج في هذه المرحلة، وقم بتطبيق المناهج السلوكية التي ذكرناها لك، وأنت -الحمد لله- على إلمام بها، لا أعتقد أننا قد أضفنا أمراً جديداً أو شيئاً كثيراً، ولكننا أحببنا أن نؤكد على المسلمات السلوكية المعروفة.

مشاهدة الطفل للتلفاز لفترات طويلة هي أيضاً دليل على أنه لا يعاني حقيقةً من داء فرط الحركة، نعم هو كثير الحركة، ولكن ليس لدرجة مرضية.

ويمكن أن يستبدل التلفاز بألعاب مثلاً ذات قيمة تعليمية، ولا مانع أبداً من أن يُغلق التلفاز، وتفصل منه الكهرباء، حتى وإن احتج على ذلك.

الطفل يحتج ويُبدي تذمره بصورة حادة، ولكن أيضاً إرضاءه ليس بالصعب، ويمكن أن يتحول سلوكه من سلوك سلبي تماماً إلى سلوك إيجابي، وختاماً نسأل الله أن يحفظه وأن يجعله من الصالحين.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً