الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي الخطوات الناجحة في تقويم سلوك الطفل المعاند؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو من الله أن تساعدوني في حل مشكلة بنتي، هي في السادسة من عمرها، ولكن مذ كانت في الحضانة في 2,5 من عمرها، وأختها أكبر منها بسنة، وكنا نقول لأختها: خلي بالك منها.

فشخصية أختها أقوى منها بكثير، وكانت بالفعل تدافع عنها، والبنت صوتها منخفض، لا تتكلم مع أحد غريب، لا تدافع عن نفسها، وهي في المنزل شخصية شقية جداً وتحب اللعب جداً.

هي تضرب أختها إذا ضايقتها، وتتكلم بصوت عال، ولا تسمع كلامي بسهولة، وتعاند، وتلعب بأشياء في البيت، وتفتح أشياء في الدولاب، وتمسك الكبريت.

وحتى بعد دخولها المدرسة تشتكي المعلمة أن صوتها منخفض جداً في الفصل، وخجولة جداً، وأيضاً لا تدافع عن نفسها بالمرة إذا ضايقها أحد، وإذا ذاكرت لها تفهم، ولكن لا تركز معي، ولا تحل المسألة الرياضية مثلاً إلا عندما أقول لها حلي المسألة، بعكس أختها؛ فإنها حريصة على الواجبات من نفسها.

مع العلم أن والدها حنون عليهم جداً، ولا يضرب أحداً، بل يكون العقاب مادياً أو معنوياً، وهي أيضاً مع أختها، وقد حدث أنها تبولت على نفسها، خوفاً من أن تقول للمدرسة، ولكن ذلك حدث مرةً واحدة.

كيف أتعامل معها؟ فقد أتعبتني في كل شيء حتى سماع الكلام، حيث يجب أن أقول أكثر من مرة، وأظل وراءها حتى تفعل ما يجب عليها فعله، مع العلم أنني أجعلها تشارك في تنظيف المنزل، وأكلفها بحاجات، وأدخل الغرفة أجدها تلعب، وأظل أقول لها: اعملي، فتعمل وهي متضايقة، بعكس أختها التي تعمل وترتب، وأحياناً تعمل من نفسها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن الواضح أنك وضعت مقارنةً ما بين ابنتيك، وهذه الابنة والتي تبلغ من العمر السادسة، –حفظهما الله– كما ذكرت فهي ليست بنفس النبوغ والدافعية والحيوية التي تتميز بها أختها الأخرى.

أولاً: أريد أن أوضح حقيقةً هامةً، وهي معلومة بالنسبة لك ولا شك في ذلك، وهي أن الأبناء والبنات ليسوا بشريحة واحدة أبداً، نحن كآباء وأمهات كثيراً ما تكون مفاهيمنا بصورة شعورية أو لا شعورية أن أبناءنا على نمط واحد، ويجب أن يسيروا على وتيرة واحدة، وخاصةً إذا كان لدينا طفل متميز نسبيّاً، فإننا نبدأ بوضع المقارنات ما بينه وبين إخوته، وخاصةً الذين هم أقل منه مقدرةً ومعرفةً وحيويةً.

هذه المقارنات خطأ، ولا نعتقد أنها جيدةً من الناحية التربوية؛ لأن الناس تختلف في مقدراتها وفي إمكاناتها العقلية، ومهاراتها الاجتماعية، وهذا ينطبق بالطبع على الأطفال في المقام الأول.

لذا تربويّاً يجب أن نفصل لكل ابن أو ابنة ما يناسبه واقعيّاً؛ لأن هناك من يتحسن ويؤدي أداءً حسناً مع التشجيع، وهنالك من يريد الحزم نسبيّاً، وهنالك من ينجح معه التجاهل، وهكذا.. هذه حقيقة تربوية عامة.

أرجع إلى ابنتنا هذه –حفظها الله– وأقول لك: أولاً قد نحتاج أن نتأكد من مستوى الذكاء والإدراك بالنسبة لها، ليس هنالك مؤشرات قوية تدل أنها تعاني مثلاً من ضعف في إدراكها أو ذكائها، ولكن استوقفتني بعض الملاحظات في رسالتك التي دفعتني أن أقول إنه من الأحوط أن يتم اختبار الذكاء لهذه الابنة، وهذا يقوم به الأخصائي أو الأخصائية النفسية في المستشفيات أو العيادات، فإذا كانت هنالك إمكانية لإجراء اختبار ذكاء لها أعتقد أن ذلك ضروري ومهم.

أنا لا أتوقع أنها تعاني من تخلف عقلي، ولكن ربما يكون هنالك نوع من الحدِّية أو المحدودية في إدراكها، وفي هذه الحالة يجب أن تعامل بشيء من الصبر، وأن نركز عليها أكثر، وأن نلجأ إلى التكرار وإلى التحفيز والتشجيع، وأن نبتعد عن المقارنات بينها وبين أختها، هذا هو المبدأ الأول.

والمبدأ الثاني –وهو مبدأ تربوي كما ذكرناه سابقاً– وهو أن تركزي على ما هو إيجابي لدى الابنة، وتحاولي أن تطوريه، وذلك من خلال التشجيع ومن خلال التحفيز، وأنت حقيقةً لديك محاولات طيبة جدّاً في تطوير مهارات الابنة، لكن هذا يتطلب منك المزيد.

يمكنك مثلاً أن تعطي مهمةً لها، ومهمةً لأختها الأخرى، وبعد ذلك حاولي أن تحفزي من يجيد دون أن نضعف موقف من لا يجيد، وهذه أيضاً موازنة تربوية تحفيزية مهمة جدّاً.

الأمر الآخر: أرجو أن تتاح الفرصة لهذه الابنة أن تختلط مع بقية الأطفال في عمرها، هذا سوف يساعدها كثيراً، وأريدك أيضاً أن تطبقي طريقة وضع النجوم كطريقة تحفيزية، وهي طريقة معروفة وسهلة، ولكنها تتطلب الصبر، وإذا طُبقت بصورة صحيحة -إن شاء الله- يكون عائدها التربوي والسلوكي في غاية الامتياز.

هذه الطريقة كما هو معلوم: أن تحفزي الطفلة وتكافئيها بإعطائها نجمتين أو ثلاثاً، وذلك أن تُلصق هذه النجوم على لوحة بالقرب من سرير الطفلة، وحين تقوم بعمل سلبي تُسحب منها أيضاً نجمة أو نجمتان، ويمكن في نهاية الأسبوع أن تكافأ بالشيء الذي تحبه حسب عدد النجوم اللاتي سوف تكتسبها.

هذا التمرين السلوكي يجب أن يُشرح للطفلة، ويجب أن يكون هنالك نوع من العقد ما بينك وبينها، هذا مهم جدّاً، وعائده التربوي إن شاء الله كبير جدّاً.

بالنسبة لانخفاض صوتها وانسحابها الاجتماعي، هذا يمكن أن يحسن كثيراً، دعيها مثلاً أن تسجل أنشودة أو تتلو شيئاً من القرآن، وبعد ذلك تقوم بالاستماع لما سجلته، وكل مرة سوف تحسن من أدائها.

وهناك كتاب جيد كتبه الأخ الدكتور (مأمون مبيض) اسمه (أولادنا من الطفولة إلى الشباب)؛ فيه بعض التوجيهات التربوية الجيدة، وهنالك كتب ومؤلفات أخرى، لكن هذا من أفضل الكتب وأبسطها، وإذا تحصلت عليه ستجدي فيه الفائدة بإذن الله.

وختاماً عليك بالدعاء لها، وأسأل الله أن يجعل ذريتك قرة عين لكم، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً