الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سفر الزوجة إلى زوجها إذا لم يستطع السفر إليها

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
بارك الله فيكم وجزاكم الله خير الجزاء، أما بعد:

إنني بحاجة إلى رأيكم الشرعي، أنا متزوجة (عقد قران)، منذ حوالي سنتين، وبعد عقد القران سافرت أنا مع أهلي إلى كندا وبقي زوجي في أحد الدول العربية، وقد تمت كل الإجراءات اللازمة لمجيء زوجي، ولم شملنا إلا أن الأمر يبدو أنه سيستغرق وقتاً طويلاً؛ لأنه لم يستلم تأشيرة السفر بعد، فقد مر على تقديم المعاملة الخاصة أكثر من سنة، وما زالوا يقولون لنا أن ننتظر، وإلى الآن لا نعلم كم الفترة؟ أهي لأشهر أو ربما أكثر؟

أنا وزوجي لم نلتق! فمنذ حوالي أكثر من سنة ونصف لم نلتق، وحسبي الله ونعم الوكيل، إلا أننا قررنا في بادئ الأمر أنا وزوجي مع أهلنا أن أسافر إلى زوجي لكي نلتقي هناك، فلا ندري متى سيتم الحصول على الفيزا، ونحن (والحمد لله) قد صبرنا سنة وأكثر من نصف، وعانينا، والحمد لله على كل حال.

ولكن ما يحز في قلبي هو أهلي! فأنا جداً غالية عندهم، وعزيزة عليهم، ويحزنهم فراقي! وزوجي دائماً متردد في هذا الأمر، فهو يخشى أن نبدأ حياتنا بخطأ، فهو يتصور أن أهلي موافقون من أجل إراحتنا، أما هم في داخلهم أنهم غير مرتاحين لذلك، وأنهم يريدون أن أكون قريبة منهم، وأحياناً أخرى يشعر بالقلق من هذا الأمر (رجوعي إليه) رغم أنه كان موافقا في بادئ الأمر، أي أنه متردد من نواحي كثيرة، يشعر أن هذا قد يكون فيه إرباك.

أهلي وأهل زوجي راضون عنا، والحمد لله، نحن -أنا وزوجي- نريد اللقاء، وكلانا بحاجة إلى الآخر، إلا أن التردد موجود في الأمر، وأنا عندما رأيت موقعكم ارتحت كثيراً، فعسى أن تخبروني برأيكم الشرعي عن لقائي بزوجي وعن إرضاء الأهل عنا، وهل بهذا تأثير على مستقبل حياتنا أم نقوم بالخطوة ونتوكل على الله، وأن هذا أفضل بكثير من لقائنا من خلال الشات (النت)؟

بارك الله فيكم وحفظكم وحفظ كل علمائنا، اللهم آمين، أنا قد استخرت الله تعالى، وها أنا استشير علماءنا الأفاضل، وما خاب من استخار ولا ندم من استشار، وأود رأيكم فلا تبخلوا علينا، وجزاكم الله خيراً، وأنا بانتظار الرد منكم، عسى أن يكون مناسباً لكل الأطراف، وأريد استشاراتكم في تردد زوجي في هذا الموضوع حيث كان موافقاً ثم تغير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / Farah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يسهل أمرك، وأن يجمع بينك وبين زوجك، وأن يقدر لك الخير ويوفقك للخير.

فإن سعادة المرأة أن تكون مع زوجها، فللرجال خلق النساء، ولهن خلق الرجال، ومن تمام سعادة الفتاة، أن تجد زوجاً يرضاه أهلها ويحصل التوافق بين العائلتين، وما أحوج من صبرت عليه كثيراً أن تواصلي مشوار الصبر، وتتذكري أن العاقبة للصابرين، ونوصيك بالتوجه إلى رب العالمين الذي يجيب دعاء المضطرين ويقبل دعاء السائلين.

إذا كان مجيء الزوج إليك قد تعذر أو تأخر فلا مانع في أن تسافري أنت إلى زوجك لتكوني إلى جواره، فإن أهلك يحبونك لكنهم يحبون لك الخير أيضاً ويحرصون على ما فيه مصلحتك، فلا تترددي في السفر إلى زوجك مع مواصلة الترتيبات الخاصة بسفره إلى بلد إقامتك حتى تستطيعي أن تجمعي بين الخيرين، أعني تعجيل اللقاء بالزوج وإتمام مراسيم الزواج، والوقوف على أحوال أهلك والمكوث إلى جوارهم ومعك الزوج.

طالما كان الزوج مناسباً وحصل بينكما الوفاق فلا داعي للقلق، ولعل السبب في تردد الزوج هو صعوبة الإجراءات المتعلقة بسفره ويأسه من تحقق اللقاء، وقد نلتمس له بعض الأعذار ولكم أيضاً، ولكن المؤمنين يدركون أن كل شيء بقضاء وقدر، ولكل شيء أجل، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، فتوكلوا على الله ولا تحرموا أنفسكم في الحلال الذي أباحه الله، واعلموا أن الشات والهاتف لا يغني من الأمر شيئاً، وأنا متأكد أنكم سوف تتأسفون على كل يوم تأخرتم فيه عندما تشعرون بحلاوة اللقاء، أما بالنسبة لفراق الأهل، فهكذا تمضي الدنيا بأهلها يجتمعون ليتفرقون ويتفرقون ليجتمعوا مع آخرين، حتى يكون الفراق، أما أهل الصلاح فإن دنياهم طريق إلى آخرتهم، تجمعهم في الدنيا الأعمال الصالحات، وفي الآخرة يجتمعون في الجنات، قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)[الطور:21].

لا أظن أن الزوج قد تغير، ولكن النفس يدركها الملل وشي من اليأس، ولكن بالإيمان بالله والتوكل عليه واللجوء إليه ننتصر على ضعف أنفسنا، ونحن نتمنى أن يجد منك التشجيع، وأن تكفي عن إعلان الحنين إلى أهلك، فإن ذلك يؤثر في الزوج الذي هو أولى الناس بالمرأة، وهي السكن له، وكل من الزوجين بمنزلة اللباس للآخر، فكوني إيجابية وتقدمي نحو زوجك إذا تعذر عليه أن يبادر هو أو وقفت الإجراءات عائقاً في طريق اللقاء، ونحن نوصيكم وأنفسنا بتقوى الله والإكثار من الاستغفار والأذكار والصلاة والسلام على نبينا المختار.

ونسأل الله أن يؤلف القلوب ويغفر الذنوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً