الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع أحلام اليقظة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي تكمن في أنني لا أستطيع التركيز، فدائماً يخونني التركيز، وأحس أن عقلي منشغل بأمور أو أحلام كثيرة متداخلة، وبعض الأحيان أحس بثقل كبير مع سخونة في الرأس من كثرة أحلام اليقظة المتداخلة، وصرت أبذل جهداً كبيراً عن صرف عقلي عن الأحلام فأنجح تارة وأخفق تارة، وبعض الأحيان لا أستطيع أن أنام لصعوبة صرف عقلي عن هذه الأحلام في وقت واحد.
ولهذا السبب صرت بطيئاً في عملي، وفي الآونة الأخيرة بدأت في نسيان أمور كثيرة، لدرجة أني قد أدخل على مديري فيطلب مني شيئاً، وبمجرد خروجي من مكتبه أكون قد نسيت ما طلبه، وفي كثير من الأحيان أقوم من مكتبي طالباً شيئاً، وأنسى هذا الشيء الذي قمت من أجله.
وكما رأيت هذا الداء يسبب لي الكثير من المتاعب، فأرشدوني إلى ما يحل لي هذه الإشكالية.
الجـواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،

فضعف التركيز والنسيان في مثل عمرك وحسب الحالة التي وصفتها، هو في الحقيقة ناتج من أنك تعاني من أعراض القلق النفسي، وهذا القلق ربما تكون لديه أسباب، وربما يكون هو جزء من التكوين النفسي لشخصيتك.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم يا دكتور.
لكن لدي تعقيب بسيط :
أولاً : حالات عدم النوم التي أعاني منها نادراً ليست قهراً مني ولكن أحلام اليقظة تأخذ مني الوقت حتى إذا ما انتبهت وجدت أني وصلت مرحلة متأخرة من الليل.

ثانياً : وصفت لي بعض الدواء، فماذا يعالج هذا الدواء؟ هل يعالج حالة النسيان وضعف التركيز لدي؟ ثم إني لا أحب أن أستعمل العقاقير بصورة دائمة، ومنذ وصفك وقد عقدت النية على ألا أستعمل شيئاً خاصة إذا كانت في مجال الصحة النفسية.

ثم إني أخاف أن يكون هذا الدواء من دون وصف دقيق لحالتي التي كلمتك عنها.

ثالثاً : وصلت في الفترة السابقة إلى قلب أحلام اليقظة إلى أفكار، وكلما حلمت بحلم اليقظة قلبتها إلى فكرة ووضعتها ضمن الأفكار التي أريد إنجازها، وهذا سهل علي أشياء كثيرة، فهل هذا ما كنت تقصده في النقطة الأولى؟

ثم جزى الله القائمين على هذا الموقع خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

أنا لا أشك مطلقاً أنك تعاني من قلق نفسي، والقلق النفسي يظهر في ألوان وأشكال كثيرة ومختلفة، ليس من الضروري أن يقول الإنسان إني قلق أو متوتر أو عصبي حتى نقول إنه يعاني من قلق نفسي، فقلة من الناس هي التي تأتيك بالأعراض المثالية، ولكن في مثل عمرك هذه الأفكار المتزاحمة المتداخلة والتي تحمل بعض الأماني التي يصعب الوصول إليها؛ هي حقيقة طاقات نفسية زائدة، وهذه الطاقات النفسية مردها القلق، ولا شك في ذلك، حسب ما أجمع كل علماء النفس.

أفكار اليقظة أو أحلام اليقظة؛ على الإنسان أن يحقرها، وأن يؤمن بأنها ليست حقيقة، والبعض يحاول أن يتخير منها ما هو معقول، ثم يركز عليه، وبعض الناس حين يذهب إلى الفراش يعزم عزماً قاطعاً بأنه لن يفكر فيها، وإنما يستبدلها بقراءة شيء من القرآن مثلاً، وهنالك أيضاً من له القدرة على أن يعيد تركيب الفكرة وتحويرها بصورة مختلفة عن الفكرة التي يصعب الوصول إليها، وهذا ما تقوم به أنت، وهذا شيء طيب وجميل.

إذن الإنسان عليه أن يقتنع أولاً أن هذه الأفكار هي ليست أفكار واقعية في معظمها، وأنها ربما تكون صعبة المنال، وأنها أفكار يجب ألا يشغل نفسه بها، وأن يضع أو يحاول أي من الحيل النفسية السابقة الذكر لأن يقضي عليها.

ولكن يا أخي ارجع إلى نقطة الأدوية، الأدوية حقيقة مفهوم الناس أو بعض الناس عن الأدوية النفسية هي مفهوم خاطئ، أرجو أن أؤكد لك أن التطور الذي حصل في الطب النفسي خلال العشرين سنة الأخيرة لم يحدث في أي من مجالات الطب الأخرى.

فهنالك الآن معرفة تامة بالتراكيب البيولوجية لكثير من الأمراض النفسية، وهنالك الآن ما يعرف بالمُوَصِّلات العصبية والناقلات العصبية والتي اتضح أنها تسبب القلق والتوتر والاكتئاب والمخاوف والوساوس وكثير من الأمراض النفسية، وحتى الأمراض العقلية.

إذن يا أخي! ما دام هنالك مكوناً بيولوجيا كيميائياً لهذه الأعراض فلابد أن يعالج ذلك بيولوجياً، وفي هذه الحالة لابد أن يكون العلاج عن طريق الدواء.

من الجميل أن تكون للإنسان إرادة، أن يغير نفسه، وأن يحاول أن يتخلص من أعراضه، ولكن في ذات الوقت لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

يا أخي، هذه الأدوية التي أتت هي نعمة من نعم الله، وهي مفيدة وفعّالة، ونصيحتي لك يا أخي أن تتناولها، ولكن بالتأكيد لا أستطيع أن ألزمك بذلك، ولكن أرجو أن تثق أنها سوف تفيدك، سوف تفيدك وسوف تجد أن النسيان والتركيز عندك قد تحسن كثيراً.

أنت لا تركز؛ لأن أحلام اليقظة تأخذ جل المراكز المهتمة بالذاكرة لديك، أو المراكز التي تسيطر على الذاكرة، وهي أيضاً عن طريق الناقلات العصبية.

إذن يا أخي! هنالك مكون داخلي أساسي هو الذي يجعلك لا تركز كثيراً وتنسى، وهذا هو تطاير الأفكار وتشتتها والانشغال بها، وهي وليدة للقلق، فحين يعالج القلق سوف تخف حدة هذه الأفكار، وسوف تنتهي، ويكون تفكيرك أكثر واقعياً وأكثر انتظاماً، وهذا بالطبع سوف يعطي المجال للموصلات العصبية أن تعمل في محيط الذاكرة والتركيز بصورة أفضل.

وجزاك الله خيراً.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً