الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية إعادة ثقة الأهل بالشاب بعد أن فقدوها لسبب ما؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا شاب مصري أعيش في المملكة العربية السعودية مع والدي ونحن والحمد لله أغنياء.

أنا أتمتع بذكاء عال، كما أني معروف بأني أكبر من عمري بعدة سنوات، وبعد أن أصبح عمري 10 سنوات بدأت بتحمل مسؤليات عديدة منها رعاية أخي الصغير، والاهتمام بالكمبيوتر، كما أني أدرس في البيت وحدي دون مدرسة، وكان لتلك العوامل أثرها في أن جعلتني أكبر من عمري بكثير فمن لا يعرفني يظن أن عمري 19 سنة، وأبي طيب جداً معي، وهو يحبني ويريد الخير لي دائماً.

وبعد أن تحملت كل تلك المسؤليات أراد أبي أن يكافئني فأحضر لي هاتفاً جوالاً ففرحت به جداً، وبعد سنة ونصف وبعد أن رأى أبي أني أكبر أكثر وأكثر أحضر لي هاتفاً آخر ولكنه غال جداً جداً، وبه العديد من المميزات وكان هذا الهاتف بالنسبة لي هو الحياة فأنا أستيقظ على صوته، وأتسلى به، وأتكلم به، وأسجل به الصور وأنام باللعب به.

واستمر الوضع هكذا إلى أن جاء يوم سرق فيه هذا الجوال بطريقة لم أكن أتوقعها، وبالطبع بقيت عدة أيام حزيناً ولكن الأهم أن أمي وأبي ما عادوا يثقون بي أبداً، فقد أصبحوا يعاملونني كأني طفل بالغ من العمر 5 سنوات مثلاً.

وأصبحوا يخافون علي من كل شيء فهم لا يسمحون لي بالنزول ومعي ساعة أو حتى ملابس أنيقة، وكل هذا لعدم ثقتهم في! وبصراحة هذا الأمر يؤرق علي حياتي، ولقد مرت سنة تقريباً على هذا الموقف ولكني لم أشهد فيها يوماً سعيداً لذا أرجو مساعدتي في حل مشكلتي وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأرجو أن يأخذ هذا الأمر حجمه المناسب، واحرص على أن تثبت لأهلك مجدداً أنك أهل للثقة، وذلك بتصرفاتك الرزينة وأعمالك العظيمة، ولعل في الذي حصل خير، وقد يأتي الخير في شكل الشر، وكل شيء بقضاء وقدر، ومن المقدور لا ينجي الحذر.

ونحن نتمنى أن تثبت لنا ولهم الآن أنك أكبر من الصعاب وفوق الأزمات، بإيمانك برب الأرض والسماوات، وهل تظهر معادن الرجال إلا عند الصعاب، وليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يحسن التصرف عند الغضب، والقائد والعظيم هو الذي يحسن التصرف عند الأزمات ويحولها – بتوفيق الله – إلى إنجازات ونجاحات.

فلا ترجع إلى الوراء ولا تتحسر على ما حصل، واستقبل حياتك بثقة وأمل، واحمل شفقة والديك على المحمل الحسن، فمن حق الوالد أن يخاف على ولده، بل إن ذلك فطرة في نفسه يصعب عليه إخفاؤها أو دفعها.

ولا شك أن الذي حصل فيه دروس لك ولهم، ومن الطبيعي أن يشتد الحذر عند ظهور التطورات السالبة في المجتمع، ومن واجب صاحب الجوهرة الثمينة أن يبالغ في المحافظة عليها.

وأرجو أن تعلم أن الأمور سوف تعود إلى وضعها الصحيح، ولكن ذلك قد يستغرق بعض الوقت، فعليك بالصبر وحسن التصرف، وكن مطيعاً لوالديك، وانصرف للجد والطلب، وأشغل نفسك بتلاوة القرآن، فإن الجوال مع فوائده يشغل عن كثير من الخيرات ويضيع الخشوع في الصلوات، وقد يدخل صاحبه في كثير من المخالفات، كما أن الإسراف في استخدامه يؤثر على صحة الإنسان، وقد ظهر لنا من اهتمامك وانشغالك بالجوال أنه كان يأخذ منك أوقاتاً غالية.

ولا يخفى عليك أن ثقة الوالدين لا تنال بسهولة، ولكن بالصبر والإيمان، وحسن التصرف والإحسان، وبالتوجه للرحيم الرحمن، وأرجو أن تلتمس لوالدين العذر، واشكرهما على حبهما لك، واجتهد في البر بهما، وركز في حياتك على التقوى، وتجنب ما يغضب الله والهوى، وأشغل نفسك بما خلقت لأجله.

ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر لك ذنبك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً