الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية تعامل الإنسان مع الآخرين بحيث لا تستغل طيبته؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.

أنا شاب عمري 30 عاماً، وأعتبر أن خبرتي في الحياة في جانب التعامل مع الناس بسيطة جداً، مما عرضني في كثير من الأحيان إلى مشكلات كنت في غنى عنها، ولا أعرف ما هو السبب الحقيقي، ومشكلتي الحقيقية أن معظم علاقاتي غير وطيدة أو طويلة الأمد، وكثيراً ما تعرضت للغدر أو الاستغلال من جانب الناس، مع أنني أحرص على إرضاء الناس بما يزعجني أحياناً.

بمعنى أنني أخجل من قول (لا) حتى ولو على حساب راحتي، ولا أحجب أي مساعدة عن أي إنسان إذا كنت قادراً عليها، أحد الأصدقاء أخبرني مرة بأنني أشبه الإسفنجة - أي إنسان يجلس عليها يشعر بالراحة - في إشارة إلى أنني ضعيف، والناس يستغلون هذا الضعف، وخاصة أنني أعمل في وظيفة مرموقة يحرص أغلب الناس على مصادقتي، ولكن مشكلتي لم تبدأ مع العمل بل هي لازمة من الطفولة بطبعي.

فأنا عصبي ومزاجي أتساءل أحياناً كيف يمكن التعامل مع الناس من منظور إسلامي؟ هل أتوقف عن مساعدة الناس، أم أظهر بمظهر المتعالي، أم المتعجرف، أم هل أبتعد عنهم ولا أحاول تقوية العلاقات والروابط مع الناس، أم هل هناك قواعد يجب أن تحكم هذه العلاقات وكيف؟

أرجو الرد بشكل تفصيلي؟ وإذا حاول إنسان أن يؤذيني بكلام أو تصرف أو إشارة ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ OMAR QWESEM حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها وإلا ما آتاها، فلا تساعد الناس بما يزعجك ولا يحرجك، ولكن عليك بحسن الاعتذار إذا كان الأمر فوق الإمكانات، وعليك بالوعد الجميل إذا كنت تنتظر شيئاً، وهذا أدبٌ قرآني، فإن الله تعالى يقول: ((وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا))[الإسراء:28].

وعليك بأخذ الحيطة والحذر، فإن المسلم حريص كما قال عمر رضي الله عنه: (لست بالخب وليس الخب يخدعني).

وإذا كان الله قد رزقك الوظيفة المرموقة، فإن من شكرها استخدامها في الخير وبذل المعروف للناس، ولكن بما لا يؤثر على مصالحك وحياتك، وبما لا يضر بالعمل، وعليك بالتوسط في الأمر، فكن حازماً في لين، واقصد بعملك وجه الله، وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، واعدل بين الناس، فلا تقدم قريباً لا يستحق شيئاً لقرابته، ولا صديقاً لأجل صداقته، ولكن قدم القوي الأمين الحفيظ العليم.

وتواضع للناس وابتسم في وجوههم، واشعر بآلامهم وشاركهم في أفراحهم، واعلم أن سيد القوم خادمهم، وأمير القوم عندنا أجيرهم الذي يسعى في مصالحهم ويسهر لأجل راحتهم، واجعل القوي عندك ضعيفاً حتى تأخذ الحق منه، والضعيف عندك قوياً حتى تأخذ الحق له.

وإياك والتكبر على الناس، فإن الله لا يحب المتكبرين، وبالتواضع ينال الإنسان الرفعة، وقد أحسن من قال:

تواضع تكن كالنجم لاح لناظر ** على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تكن كالدخان يعلوا بنفسه ** في طبقات الجو وهو وضيـع

وذاك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وما تواضع أحد لله إلا رفعه).

وتوسط في مخالطتك للناس، واعلم أن فضول الخلطة وفضول الكلام وفضول النظر هي أسس وقواعد البلاء.

ولا تحاول أن ترد الإساءة، ولكن ادفع بالتي هي أحسن، فإنك ما جازيت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.

وأرجو أن تجعل غايتك رضوان الله، فإن رضى الناس غاية لا تدرك، واعرف الحق تعرف أهله، واعلم أنك مثل السوق تحمل إليه البضائع الرائجة، فاجعل الصدق رائجاً في مجلسك، وزين حياتك بالخوف من الله، وتجنب كل ما يغضب الله.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ةلاا

    شكراااااا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً