الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طالبة تتعلق بأستاذها في الجامعة لكنها لم تكلمه وتخبره بذلك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ألف شكر على الموقع، وأنا من قراءتي لردودكم على الشكاوي والله ارتاحت نفسي وتشجّعت أكتب مشكلتي.
مشكلتي أنّي في الجامعة كنت أتعامل مع أستاذ في مناسبتين مختلفتين مع مجموعة من البنات، من خلال تعاملي مع هذا الشخص أحسست بميل نحوه، علماً بأنه غير متزوّج، أخاف ربي ولا أريد أن أقع في معصية، أعامله بكل احترام وهو يعاملني باحترام، أعجبني فيه حرصه على دينه والتزامه بالصلاة في المسجد جماعة، وهذا اللي لا يلتزم فيه الكثير من الأساتذة -الله يهدي جميع المسلمين-.
مرّت الكثير من المواقف معاه أحسست بأنه معجب فيّ، لكنّي لا أريد أن أغضب الله وأن أعمل أي شيء مخالف لديني، لا أخفي أن هذه التجربة والمشكلة خلقت منّي إنسانة جديدة، وجعلتني أتقرّب من الله أكثر، حتّى يبعدني ويحميني من المعصية.
أصبحت مواظبة على الدين ومقبلة على الدروس الدينيّة، وأقرأ القرآن كل يوم والحمد لله، وأكثر من الدعاء لي وله ولجميع بنات المسلمين.
عندما أراه أتذكّر مراقبة الله لي حتى يحميني من الإثم، أعدت النظر في كل ما أقوم به، أحاول تقويم نفسي.
أنا أدعو الله أن أنساه أو أن يتزوّج حتّى أرتاح. أنا لا أريد أن أغضب الله، وأنا أعلم أنّه رجل صالح يخاف الله ولم يفعل شيئاً، لكن هذه المشاعر نحوه جاءت فجأة، ما العمل؟؟
الآن أنا أتجنّبه، أتجنّب الحديث معه، أتجنّب التواجد في المكان إذا عرفت أنّه موجود فيه، لكن ظروف تواجدنا في نفس البيئة تحتّم أن أراه كل يوم، وفي أماكن وأزمنة غير متوقّعة، أنا لا أظهر هذه المشاعر ولا أريد أن تستمرّ.
تقرّبي إلى الله أكثر في الآونة الأخيرة أزاح عنّي الكثير من الهموم، وجعلني أصلّح الكثير من الأخطاء في حياتي.
هل أنا في الطريق الصحيح؟؟ هل المشاعر اللاإرادية إن كانت لا تجرّ إلى معصية حرام؟؟ أنا أعرف أننّي أحب، لكن أنا لا أقبل أن يكون مبرّراً لأي شيء يغضب ربّي، أرجو مساعدتي لأنني فعلاً أحتاج النصح.
وتقبّلوا تحيّاتي وبارك الله في جهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رواية حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية يسرنا أن نستقبل أسئلتك في أي وقت وفي أي موضوع، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية.

وبخصوص ما ورد برسالتك فيسميه البعض الحب من أول نظرة، وهو أمر قد لا يخضع لسلطان الإنسان لأنه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) فقد يشعر الإنسان بنوع من الميل تجاه شخص معين دون إرادة منه، وإذا وقف الأمر عند هذا الحد، فهذا والله أعلم لا شيء فيه لأنه من الميل القلبي الذي لا يملكه الإنسان، وبالتالي لا يحاسب عليه لأنه خارج إرادته ما دام لم يتعدَ مجرد الشعور كما ذكرت، وما يخشى منه أن يستسلم الإنسان لهذا النوع من الارتياح ولو بينه وبين نفسه حتى يفسد عليه عبادته وحياته، وهذا ما يحدث لكثير من الناس أن يستسلم الإنسان لهذا الارتياح فيقضي مع نفسه الساعات الطوال يسبح في خيال هذا الارتياح، فيضيع كثيراً من عمره بلا فائدة تذكر.

ولقد قرأت في بعض الدراسات أن مثل هذا الارتياح وحده ليس كافياً لإقامة حياة زوجية مستقرة، وإنما لا بد من مراعاة الضوابط الشرعية المقيدة في كلا الطرفين؛ لأن الحب وحده لا يؤسس أسرة، ولا يحقق سعادة مهما كانت قوته إذا لم يكن هناك مؤهلات الزواج الطبيعي وشروطه المشروعة، لذا أقول لأختنا راوية: إلى هنا لا يوجد شيء يخالف الشرع، واثبتي على حرصك وعدم تعرضك له، ودعائك الله أن يثبتك على الحق، وأن يحفظك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وإذا كان في ارتباطك به خير في دينك ودنياك أن ييسر ذلك، وأن يعجل به.

وأعلمي أن مسلكك هذا أيضاً هو خير وسيلة لكسب احترام الإنسان المسلم المحترم؛ لأنه يجب على المرأة المحترمة الرزينة التي لا تجرى وراء عواطفها وتنسى قيمها ومبادئها وثوابت دينها، فأنت بذلك تكسبين رضا الله وحبه وتوفيقه، وثانياً تكسبين احترام هذا الإنسان وتقديره، خاصة وأنه لم يفاتحك في أي شي، ولم يبد لك رغبته في الارتباط بك أو غير ذلك، وقد تكون عنده رغبة ولكن عنده موانع تحول دون تحقيقها، وقد يكون الأمر مجرد إعجاب فقط فلا تهدري كرامتك، ولا تفسدي علاقتك بمولاك، واستمري فيما تقومين به، واعلمي أنه إن كان من نصيبك فلم ولن يفوتك، وإن لم يكن فلن يتحقق شيء من ذلك، فعليك بالثبات والإقبال على الله، وسؤال الله الخير حيثما كان، واساليه أن يرزقك الرضا بما قدر لك، فقدره كله خير، وعاقبته دائماً إلى خير.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق .

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات